الخميس، 26 نوفمبر 2020

خنساء الشام

في السجن للشاعر أبو نعيم الشعبي

 [ في السِّجـن ] 

بقلم الشاعر أبو نعيم الشعبي


ما بَـينَ سِلـسِلَــةِ الجُـدرانِ والغَـلِـقِ

وبَـينَ أجـنِـحَـةِ الظَّـلـمــاءِ والغَـسَـقِ


ثَــوى هُــنــاكَ بِــلا إثــمٍ ولا حَـــرَجٍ

في قَبضَةِ القَـيدِ والأغــلالِ والحَلَـقِ


في مَقعَدٍ بائسٍ في السِّجنِ مُنفَـرِداً

عَنِ الـوَرى وعَنِ الضَّوضاءِ والحَـدَقِ


تَوَسَّدَ الصَّمتَ واستَلقى على مَضَضٍ

يُكَـحِّــلُ الطَــرفَ بالتَّـسهِـيـدِ والأرَقِ


والنَّـفــسُ لاهِـفَـةٌ والـرُّوحُ واجِـفَــةٌ

والقَـلــبُ يَخـفِـقُ بالآهــاتِ والحُـرَقِ


حِيـنـاً يُحَـدِّقُ في الأسـوارِ يَـرسُمُـها 

وتــارَةً شـاخِـصـاً عَيـنَـيـهِ في الأُفُـقِ 


واللَـيـلُ بَـحــرٌ ولَـكِــن لا تَكــادُ تَــرى 

مِن طُولِـهِ، ساحِـلَ الإصبـاحِ والفَـلَـقِ


تَـرى الكَـواكِـبَ تَـسـري فِيـه حـائِـرَةً

كــأنَّـهَــا سُـفُــنٌ تَـاهَــت عَـنِ الطُــرُقِ


تَـظَــلُّ والـرَّيــحُ بـالأمـــواجِ ثـائِـــرَةٌ

بالبَحرِ، تَجري الهُوَينَى خَشيَةَ الغَـرَقِ


يا أيُّهـا اللَـيلُ مَـهـلاً! كَم أطَلـتَ وكَم 

أبـيـتُ فِـيـكَ رَهــيـنَ الهَـمِّ والقَـلَــقِ


طالَ الثَـواءُ وإنَّـي قَد سَئِـمـتُ أسـىً

وضِقـتُ ذَرعــاً بِـهذا الكَـلكَـلِ الرَّهِـقِ


فاضمُم جَناحَـكَ والدَّيجـورَ مُرتَحِـلاً

واغرُب بِوَجهِكَ يا مَشؤومُ عَن حَدَقي


فَـقَـد كَفـانِـيَ ما قَـد نِلـتُ مُنـطَفِـقـاً

مِن سَطوَةِ السِّجنِ والسَّجَّانِ والوَثَقِ


مِـنَ العَـذابِ جِحـافـاً والأذى جَـنَـفـاً

وغَيظَتي مِن تَمـادي الظَّالِـمِ الخَـرِقِ


فَكـم أبـيتُ ونـارُ الغَـيـظِ تَـلـفَـحُنـي 

وكَـم أبـيتُ بأثـقــالِ الطُّـغــاةِ شَقـي


لكِـنَّـنــي رُغــمَ مـا ألــقــاهُ مِـن ألَــمٍ

إلـى العُـلا مُشـرَئِـبَّ الـرَّأسِ والعُـنُـقِ


مـا سـاءنـي غَـيرَ أنَّـي بِـتُّ مُرتَـهَـنـاً

مُـوَثَّـقـاً في قُـيـودِ الأحـمَـقِ النَّــزِقِ


وما دَهـانِـي سِـوى الإبقـاءُ في زَمَـنٍ

قَـد ســادَ فِـيـهِ جِــزافـاً كُـلُّ مُـرتَـزَقِ

_______________

شعر: أبو نعيم الشعبي

خنساء الشام

About خنساء الشام -

هنا تكتب وصفك

Subscribe to this Blog via Email :