الحضارة المستوردة.....
بقلم الكاتب سالم المشني
إذابحثنا في هذا الموضوع، وجدنا الكثير من التناقضات التي حالت بيننا وبين الحقيقة التي تناساها الجميع، وليس معنى ذلك أننا لا نستطيع إيجاد الحلول لهذه المصاعب التي عايشتنا في عصرنا هذا....!
أين الحضارة...؟
وكيف نطبق هذه الحضارة على مجتمعنا إذا كنا نحن في هذا المجتمع العريق من أصله لا نعرف كيف تكون الحضارة بحد ذاتها..فإذا نظرنا لهذه الحياة التي نعيشها ودققنا النظر فيها جيدا وجدنا أنها بُنيت على أُسس لها قيمة وقواعد عظيمة....
وها نحن الآن نزيل كل هذه القواعد لنستبدلها أو لنضع بدلا منها قواعد دخيلة لا أساس لها ولا قوة.....!؟
نحن نقول أن مجتمعنا العربق يعرف كيف يسير خُطاه وكيف يبدأ طريقه ويعيش معه ويقاطع من هو دونه من مستوى. إن بعض الناس ورفيعوا المستوى لا يرون بأعينهم سوى من هو أعلى منهم درجة وغنى، وقد لا ينظرون إلى طبقتهم فهم دوما يريدون أن تكون أعينهم لأعلى حتى صورت لهم أنفسهم أنهم هم دائما فقط الذين يعرفون كيف تكون الحياة وليس سواهم....!
لهذا فإنه من الواجب علينا أن نعالج كل ما هو خطأ دخل في حضارتنا التي رمينا بها إلى الوراء وتمسكنا بحضارة غربية لا أصل لها ولا أساس ولا مبدأ ولا طموح يغري فيها، بل إقتبس فاقتبسوا فاقتبسنا للأسف....!
إنني أقولها بصراحة تامة أن الحضارة ليست هي التي نعيشها الآن فقد ذهبت وأدراج الرياح ولن يحل بدلا منها سوى بعض المآسي المؤلمة التي أصبحت شيئا مهما في حياتنا ولا نستطيع الإستغناء عنها أبدا....!
لقد كنا فيما مضى أصلا لهذه الحضارة لأننا نحن الذين صنعوا هذه الحضارة والتي إقتبسها العالم بأسره عنا...!
إذن لماذا غيرنا هذا الإتجاه والعالم كله يعرف بأننا نحن أهل المعرفة والفصاحة والقوة المبنية على العزة والكرامة، لم هذا التغيير المفاجيء الذي جعل منا أُرجوحة تُأرجحها أيد لا تعرف غير اللهو في نفوس الآخرين.؟
يجب علينا أن نكون أصل الصلابة في عاداتنا وأخلاقنا التي مزقها الغير حِرصا منه للسطو علينا وعلى كبريائنا بعدما أخذ كل ما هو جميل فينا فالنبدأ إذن بأنفسنا، وننظر إلى واقعنا كي نستطيع تدبر أمرنا ولا نجعل منفذا واحدا لغيرنا كي يَعبُرَ منه ويفسد كل ما إستطعنا أن نحققه حتى نَدُقّ أركان هذا العالم كما دقه أجدادنا من قبل بعزة نفس عالية وأخلاق كريمة مبنية على أُسس متينة....أساس العقيدة، نحن لو نظرنا اليوم بعين عقل لأنفسنا لأذرفنا دموعا غزيرة على ما نحن فيه ولأسرعنا وبكل عزم وإرادة للرجوع لحضارتنا التي تبددت وأصبحت ذكرى في نفوس الشرفاء عكس حضارة العصر التي ملأتها المظاهر الخداعة ولبس الجنز والسهر في قاعات الفنادق الضخمة لإقامة الحفلات الراقصة ولعب الورق....
كيف سمحنا لأنفسنا ونحن العرب أصحاب العلم والمعرفة،
كيف سمحنا لأنفسنا أن نكون في مثل هذا الوضع الذي لا يُحسدُ عليه. إن الكثيرمنا عندما يسمع أو يشاهد شيئا جاءنا من الجهة الغربية إلا وسارع في تقليده وتطبيع نفسه عليه....!
ألا توافقونني يا إخوتي على أن الحضارة ليست بالشيء الذي يُباع ويُشرى. إن الحضارة ليست بالسهر ذي المستويات والدرجات، درجات الغنى والفقر، إن بعض الناس تراهم يُمضون ساعات طوال منشغلين في حِسابات حفلة سيقيمونها في مثل هذا الشهر أو ذاك وكيف يجب أن تكون، ومن هم الذين يمكن لهم أن يتواجدوا فيها، وبعضهم يفكر ليلا ونهارا كيف يمكن أن يكونوا من رؤوس الأموال ويملكوا القصور التي لا يستطيع أن يمتلكها غيرهم حتى وإن كان جاره أو صديقه....!
من هنا تبدأ المعركة،! وربما يربح ناس ويخسر آخرون وكأنها حرب ضروس...!
إن مثل هذا الشيء لم يحصل إلا إذا كانت هناك ضحية في الوسط....!
تُرى من هي تلك الضحية...؟
هل هي الطبقة العاملة البسيطة....؟
أم الطبقة الضالة ذات العقول الرعناء...؟
إن أصحاب الأموال لا يفكرون إلا بالمزيد دوما وبأيّ طريقة كانت...!
لقد خُلِقنا أصحاب عقول مُفكرة، فلماذا لا تستغل تلك العقول العظيمة في تحضير أنفسنا وتهذيبها وتقويمها على ما تحبه الأمم المتحضرة التي لا تعرف سوى العدل والمساوات في الحقوق بين البشر....؟
إن بعضنا يا إخوتي يجلسون مع أطفالهم ليقصوا بعض القصص لينسوهم جوعهم المزمن وبعضنا لا يشعر بما يدور حوله من مآسٍ محزنة وهو غارق في ترفه وبذخه...!
تُرى هل هؤلاء الناس الذين يجلسون مع أطفالهم ليملوا عليهم بعض الأقاصيص يكذبون عليهم أم على أنفسهم.
لا شيء في الدنيا يُنسي الصغير جوعه.....
مثل هؤلاء الناس كمثل الذي إتخذ سبيله في الصحراء باحثا عن الماء يركض وراء سراب لينقذه مما هو فيه من ظمأ، فاكتشف في نهاية أمره أنه كان واهما فانتحر....!
لن ينتهي الشقاء ما دامت هناك القاعدة المبنية على أُسس خبيثة لا تستحق إلا النسف والتدمير......!
سالم المشني....