* عجائب القدر *
بقلم الشاعر عبد الرحيم أفقير
وفي يوم وليلة ، رجعت صالحة بذاكرتها سنوات إلى الوراء و هي تحذق بالشمعة التي تحترق أمام أعينها ، فما أشبه حياتها بحياة الشمعة تضيء ما حولها وتشيع النور بين الناس لكن لا أحد يشعر بمعاناتها واحتراقها من أجل الغير ، تحذق في الشمعة والدموع الساخنة تدرف من عينيها ، كما لو أنها أصبحت هي والشمعة صديقتان و دخلت في حوار معها وبدأت تحكي لها عن الذكريات الأليمة التي عاشتها ، فلم تكن تؤمن صالحة بالصداقات أو التعارف عبر مواقع التواصل الإجتماعي ، فخبرتها في الحياة وسنها جعلاها تتمكن من تمييز معادن البشر على أرض الواقع ، فلقد مرت صالحة من تجارب مريرة وخيانات وغدر من أشخاص كانت تعتقد أنهم أقارب وأصدقاء وأحباب لكنها تفاجأت بهم يطعنونها ويسقونها سما قاتلا . كل هذا جعلها لا تصادق أبدا من تلتقي بهم ولا تثق بأحد الشيء الذي جعل علاقات مواقع التواصل شيئا لا يمكنها خوض غماره ولا حتى مجرد التفكير فيه .
لكن القدر وضع في طريقها شخصا جعلها تغير من أفكارها وتعطي لنفسها فرصة تعديل بعض مفاهيمها في الحياة والناس والمجتمع..
صدفة ودون سابق معرفة التقت صالحة الأستاذة بالحاج ميمون الطبيب في إحدى المجموعات الأدبية فطلب اضافته إلى لائحة أصدقائها فقبلت به صديقا ..
لكنه مع مرور الزمن ، أصبح أخا وصديقا وأبا روحيا بل جمع كل معاني الإنسانية بصيغة المذكر ، أخ تستند اليه وأب تحتمي بنصائحه وصديق تستنجد به عند الحزن فيمسح دمعتها ويشيع البسمة في نفسها عند شعورها بالملل يجاهد أيما جهد كي تنسى مآسيها ومعاناتها النفسية والبدنية .. يقدم لها شتى أنواع المساعدات المادية والمعنوية دون مقابل يخاف على صحتها ينبهها ، يشكو لها أيضا همومه ويصغي لهمومها يدفن أسراره عندها فيطمئن ، تحكي له ما يعكر صفو حياتها فتنام هادئة لانها اودعت سرها بداخل صدررحب ونفس طيبة ، إنسان ناضج بما تحمله الكلمة من معنى.
تمنت يوما لو كان القدر كريما معها ووهبها ابنا في مثل أخلاقه .وخاطبت الشمعةقائلة : " ترى لماذا هذا القدر أعمى ؟ "
" أو زوجا رحيما طيبا فاضلا مثله ، لما ذا هو بخيل هذا القدر " ؟
الآن عرفت أن النعمة قد تتأخر لكنها تأتي وأفضل من المتوقع و أن يجود القدر عليك بصديق واخ تجتمع فيه كل الصفات الحميدة والخصال التي قلت في هذا الزمن فهذا من عجائب القدر ومفاجآته الجميلة..
ومع إشراقة كل يوم ، تتمنى صالحة أن يطيل الله في عمرهما لتستمتع أكثر بحديثه وابتساماته وعطفه وتتمنى له كل امنية جميلة ولأسرته المكونة من خمسة أفراد زوج وزوجة وبنتين و ولد واحد فقد اصبحت جزءا من هذه الأخيرة دون أن تدري . / .
عبدالرحيم افقير
- المغرب - 🇲🇦