رحلة إلى الماضي..
جلست وحيدا على رصيف العمر
اقرأ دفاتر ايامي وما زرعته في حقول ربيعي
وماجمعته من غلال عن بيادر صيفي
رايت هواء الخريف مزق اوراق اشجاري
وكلل ثلج الشتاء راسي بتأج ابيض
نظرت إلى غدي فرأيت سحابة سوداء
تمنع أشعة النور الوصول الى كهف طريقي
نظرت إلى امسي فرأيت لوحات
رسمتها ريشة الايام بلون الآمال والأحلام
أعادتني إلى مرابع طفولتي وملاعب شبابي
تنشقت اول نسمة هواء في ركن منزل قديم
جدرانه حجارة سوداء وسقفه خشب وتراب
رضعت من صدر امي حليبا ناضجا على حرارة التعب
مضغت اصبعا ملوثة بعرق الكادحين
نطقت اول كلمة : احبك جدي. احبك امي. احبك والدي
خطوت أولى خطواتي على ظهر زقاقات قريتي
الغافية في حضن تغطيها غيوم ساحل البحر
تسقي الأرض بدموعها فتورق قمحا وزيتونا
غاص شلال الذاكرة في عمق المحيط
وتصارعت أمواج الصمت قبل المغيب
رأيت حقائبي جاهزة تنتظر ساعة الرحيل
أمتطيت ظهر راحلتي حاملا أوراقي وأقلامي
بدأت اقلب صفحات ذاكرة الأيام
تداخل الماضي مع الحاضر فلم يعد منزلي ترابيا
ولم تعد سطوح المنازل ملاعب الأطفال
ولم تعد صبايا القرية يحملن جرار الماء على أكتافهن
لم تعد أمي تخبز على التنور وتطبخ على الموقد
لم تعد الجدات تقص الحكايات للاحفاد
ولم نعد نسمع انين الناي من فم راع
يقود قطيع خرافه إلى مراعيها الخضراء
اقفلت حقيبتي على أوراق ذاكرتي
قبل أن أعرف ما ستكتبه ذاكرة احفادي
وغفوت على فراش ذاكرة الأيام
وتركت جيل زمن وسائل التواصل الاجتماعي يسهر مع ما جاء به زمانه
جرجس لفلوف سورية