في البحر البسيط
جمرٌ بأخيِلَةٍ..
كم روّعَ الخوفُ والحرمانُ والوجعُ
هذا العراق وأهليِهِ فما ركعوا
ففي إنقضاضِ الردى هولٌ يُجاذبهُ
من كلِّ حدبٍ وصوْبٍ جاءه الفجع
والسبعُ لمّا هوى كلُّ الوحوشُ أتت
في نهْشِ اوصالهِ تجري لتقتطِعُ
تطاول القومُ فينا ليس يمنعهم
من سلبِ خيراتنا حامٍ فماأمتنعوا
إن كان لصٌ فقد هانت رزيّتُنا
لكنهم زُمَرٌ ياليتهم شبعوا
وقد تمادوا وفي أعراضنا ولغوا
كيما نُذلّ فخابوا أنهم وكعوا
واحرّ قلباه من جمرٍ بأخيّلةٍ
إذا تجولُ برأسي كيف تصطَرِعُ
فيا عراقَ الغيارى إنُّهُ زمنٌ
تدوسُ هامَكَ أقزامٌ وما خشعوا
جهْلٌ تغلغلَ في اعماقِ أنفُسِهم
حمقى الى أمرهم صرنا ونتَّبِعُ
هذا العراقُ فهل يرضى صنائعَهُم
وقد اساؤوا له قد ساءَ ما صنَعوا
فيا عراقَ وأنت السيْدُ الفطِنُ
ماهَمّكَ البُهْمُ لو في أرضنا مَرَعوا
غداً سيقحمهم من ليس يرحمهم
فيعرفوا الحقَّ حقّا فيرتَدِعوا
تبقى بنا رِيَبٌ في كونهم عرباً
لا يُفسِدُ الأرضَ إلّا خائنٌ خرِعُ
يعلو الشريفُ لدينا في ضمائرنا
وقد تردّى جبانٌ بيننا فزِعُ
إنّ العراقَ بهِ أُسْدٌ مُكَبَّلَةٌ
لابُدّ أن يبطشوا يوما إذا طلعوا
قد فرّقونا وما صانوا لنا ذِمَماً
الغدْرُ دأبُهمُ والحِقْدُ والطَمَعُ
شعبُ الحضاراتِ لازلت منذهلا
من حاكمٍ لا يرى رُشداً فنَتَّبِعُ
ياويل شعبي فقد أمهلتهم زمَنا
لم ينتهوا بل مضوا في الغَيِّ ما رًجَعوا
والشعبُ حتماً الى التحرير مُنطلِقٌ
قد فاضَ فيهِ ولا عوْداً لينخدِعُ
واحَرَّ قلباه من نارٍ تمورُ بهِ
فما اسطاعَ يدرَؤها أو رادَ يقتَلِعُ
جاؤوا مع الغرب سعيا في مذَلّتنا
وهم الى الغربِ أذنابٌ له تبَعُ
عشرون عاماًوهذا الموتُ يحصدُنا
والخوفُ والجوعُ والخشخاشُ والفزَعُ
مرَّت مسوخا بنا لسنا لنعرِفُها
وفرّقت جمعنا صِرنا بهم شيَعُ
فينا الاعاجمُ والأعرابُ قد طمعوا
بنو عمومتنا في هَتْكنا شرَعوا
نسوا البداوةَ كانت أصلُ عزَّتنا
إنَّ البداوةَ أصلٌ فيهِ نجتمِعُ
فيا خسارة أبطالٍ لنا رحلوا
لما تنادوا الى الميدانِ قد هَرَعوا
ياويحَ نفسي فهم للموتِ قد بذَلوا
غالي النفوسِ وقد أعطوا وما منَعوا
فيا بني عمّنا مهلا فإن لكم
بين الفؤادِ عروقٌ ليس تنقطِعُ
لا تقطعوا الودَّ إنّ الودَّ مُتَّصِلٌ
ينالكم مثلما قد نالنا وجَعُ..
سعدي الشنون...