أطواقُ الصبرِ
فتاةٌ اقتسمَتْ تراتيلَ الغربةِ مع سفينةٍ رَكِبتْها، فنسجَتْ بينَ مقلتيها عواصفَ وعواطفَ، اجتمعَتْ على خديها قطراتُ مطرٍ حزينٍ، طوقَتْ جسدَها النحيلَ بدفاترِ الشكوى، وتحتَ خاصرتِها غاباتٌ من ملامحِ عنفٍ لا محدودٍ، وبينَ أرضٍ وفرضٍ، لمعَ من مُحياها محرابُ صبرٍ عتيقٍ، علّمَها أنْ تكتبَ على بابِ وتينِ قلبِها (وأفوضُ أمري إلى اللهِ)، وفي طياتِ القصةِ غصةٌ، تضيقُ منها أنفاسُ الصحراءِ، خلفَ أسوارِ السكوتِ، وطلائعِ أضغاثِ حروفِ الغزلِ، وبأعلى من الصمتِ وأبلغِ من الكلامِ، بدَتْ حياتُها رهنَ الاعتقالِ، كتبَتْ على ساعةِ ميلادِها، أنْ أفقْ أيُّها الظالمُ: هنالكَ رسائلُ على القمرِ بكَتْ لها السماءُ، وما زلْتُ أنتظرُ الردَّ تحتَ مظلتي، سقطَ قناعَهُ المستعارُ (عرابُ السفينةِ المُهرِبةِ)، همسَتْ لها نوافذُ البحرِ، وحلّقَتْ أجنحةُ الحمائِم في جمجمِتها الشابةِ، تذكرَتْ قولَ والدِها: أطواقُ الصبرِ ستكونُ لكِ صكوكَ الأجرِ يوماً ما، التقفَتْها أيدي المنقذينَ، ليجلسوها على رصيفٍ آمنٍ بعدَ أنْ كادَتْ تغرقُ.
بقلمي..
أمل هاني الياسري/ العراق