برج القمر
آب 2023
كان من عادة دلال قراءة الأبراج في الصحف والمجلات، وتصدق ما يقوله برجها القمر، وتسقط تلك التراهات على حياتها الخاصة. وطبعاً غالبا لا يحدث ما تقوله الأبراج، ورغم ذلك المسكينة تتأمل وتنتظر قراءة برجها في اليوم التالي.
ذلك اليوم، قال لها برجها بأنها ستلتقي بمن سيكون شريك حياتها، وهو من برج القمر أيضاً، شاب وسيم، غني، سيسعدك، تمسكي به جيداً...
اسعدتها الكلمات وكانت تتأمل أن تجد ذاك الحبيب الخفي.
ذهبت ذلك اليوم إلى المصرف لتحويل نقوداً إلى أخيها الطالب من أجل الدراسة...
أمين الصندوق يعرف الشابة ومعجب بها، لكنها هي لم تعرفه أي انتباه...
هو شاب وسيم، انيق، لطيف المعشر كلامه يدل على أنه أنسان مثقف. في ذلك اليوم صادف لا يوجد مراجع ينتظر دوره... أخذ يدردش معها...
سألها عن أحوال أخيها المغترب ماذا يدرس، وفي أي سنة جامعية هو؟ واسئلة أخرى مشابهة علماً بأن أغلب الأجوبة لا تعنيه، لكنها مجرد دردشة لطيفة مع الصبية الجميلة.
هي تذكرت ما قرأته ذلك الصباح في زاوية برج
القمر : ستلتقين بشاب من برجك، ربما هو فتى احلامك، تمسكي فيه، ربما هو فتى احلامك.
سألت الفتاة أمين الصندوق: أيمكنني أن اسألك سؤالاً؟
قال: طبعاً تفضلي
قالت: من أي برج أنت؟
كان هو ماسكاً بهوية الفتاة يكمل معاملة التحويل وعرف تاريخ ميلادها، وبالتالي عرف برجها...
قال لها مازحاً: أنا من برج القمر.
قالت الصبية بذاتها: أكيد هذا هو من سيكون شريك حياتي... هذا هو الذي أخبرتني عنه النجوم، هذا هو من سيكون شريك عمري وحبي وحياتي...
وكما قالت لها الأبراج تمسكي به. إياك أن تفلتيه...
أحس الشاب بان الفتاة تلاطفه بشكل غير اعتيادي، كادت أن تقول له أنت هو، أنت هو الذي أنتظره، أنا هي عروستك... لكنها تماسكت وبقيت واقفة تمد في الحديث متعمدة... تأملها جيداً، صبية جميلة، وفهم منها بانها طالبة جامعية، ومنظر لباسها يدل على ثراء أهلها. هو يعرف أبوها تاجراً معروفاً في الأوساط التجارية، وهم يسكنون في دارة فخمة، و أصبح واضحا هي التي تتحرش به، كانت تقول بذاتها، ليته قرأ برج القمر اليوم، ربما كان فهم بأنني أنا من ستكون شريكة حياته... أه كيف لي أن أخبره سري...يا ريت لو تصدق الأبراج هذه المرة...
تلك اللحظة جاء مراجع ووقف خلفها ينتظر أن تنهي معاملتها.
قال لها الشاب غدا في الساعة السادسة مساءً، سأذهب الى مقهى الاحلام لأحتسي قهوة المساء... أنا أدعوك لو لم يكن لديك مانعاً...
فكرت الصبية هي التي لم تقبل دعوة شاب في يوم من الأيام، لكن هذا الشاب هو من سيكون شريك حياتها، الأبراج هي التي أخبرتها...
في اليوم التالي أمضت كامل نهارها تتزين في محلات التجميل.
استقبلها الشاب بحرارة، وتحادثا طويلا، وطالت جلستهما، وطلبا القهوة عدة مرات...
كانت هي تتصرف بمنتهى الفرح، ولم لا، هذا هو من سيكون شريك حياتها، هكذا قالت لها الأبراج...
تبادلا ارقام الموبايلات، وعناوين صفحاتهما على الفيس بوك وغيرها من صفحات التواصل الاجتماعي.
وبالحقيقة، هي كانت تريد تطوير هذه الصداقة الى درجات أعلى، حتى تصل الى درجات الحب، ولم لا؟ أليس هذا الذي
سيكون حبيبها وشريك حياتها...
كانت الدردشات تزداد حرارة بينهما، يوما بعد يوم،
قال لها الشاب غدا أدعوك لنحتفل سوية في عيد ميلادي، استغربت دلال وانصدمت، وسألت بعصبية
ألم تخبرني بأنك من برج القمر؟
تذكر الشاب سؤال الصبية، وقال مازحاً، الحقيقة لم يعنيني سؤالك، كانت هويتك في يدي وعرفت برجك، ومازحاً أجبتك، لم يخطر ببالي أي أمر آخر.
بقيت سحر مريضة أكثر من أسبوع في فراشها، عاتبة على برج القمر الذي خدعها... وأقسمت بأنها لن تقرأ الأبراج بعد ذلك. لأنه مجرد كلام فارغ يملؤون به الصفحات...
كتب القصة: عبده داود