الأربعاء، 14 أغسطس 2024

Hiamemaloha

خاطرة / وميض الأمل في عيني طفلة للكاتب الدكتور مفلح شحادة شحادة

 خاطرة: "وميض الأمل في عيني طفلة"


في زاويةٍ معتمةٍ من الوجود، حيث تختبئ الأحزان بين زوايا الروح، تجلس طفلة، براءة الطفولة تكسو ملامحها والحزن يغمر عينيها. جميلة هي، كالوردة المُتفتحة رغم العاصفة، رغم أن دموعها تغسل خداها بنقاء المطر.


لا تسأل عن الأسباب، فالحزن لا يستأذن قبل أن يحل في القلوب، ودموع الأطفال لا تليق بوجنات الأبرياء. طفلة صغيرة تحمل على أكتافها ثقل الأسئلة وعبء الحيرة، لملمة أشلاء ضحكتها المبعثرة على حدود الألم.


أيّ لغزٍ حل بحياتها ليسرق الضحكة من بين شفتيها الورديتين؟ وأيّ قدرٍ كتب على أهدابها الطويلة أن ترف عبء الأحزان؟ لكن حتى في عز رحيل الفرح، لا تزال تبدو كجوهرة قد اكتنفتها رمال الحياة.


عيناها تقطران كآبة وتساؤل؛ كأنما كل دمعةٍ تحمل سرًّا من أسرار الكون، كأنما كل نظرةٍ تخفي في طيّاتها حكايا سنين لم تُروَ بعد. ومع ذلك، تراءى لؤلؤة بريقٍ بعيد في زوايا عينيها المُتعبتين، رمزٌ للأمل الذي لا يغيب.


سكبت الحياة من اختباراتها ألوانًا قاتمة على لوحتها البيضاء، فابتدعت من تلك البقع لونًا جديدًا، لون الصبر والقوة. وتحت وطأة الزمان، يتسلّل البريق العنيد من بين الغيوم، مُعلنًا أن الضوء لم يُطفأ بعد من قلبها.


بين همسات الريح وأحاديث الورود، يُمكنك سماع صوت الطفلة وهي تناجي الأفق بأمنياتها المعلّقة. تخبر الغد أنها هنا، صامدةً وشامخةً، مثل شجرة الصنوبر في وجه العاصفة. تنتظر لحظة خصب السماء حين تتوقف الدموع ويأتي إليها الفرح سربًا من طيور مهاجرة.

جميلة الحزن هذه الطفلة التي تترك الدموع تروي عطش الروح للتعبير، ليس كالجميع، بل بفرادة تفوق الوصف. قد تمايلت روحها للحظات مع نسمات اليأس، لكنها تستقي قوتها من بركان الأمل الذي لا يكف عن الثورة في أعماقها.


فليحفظ الكون تلك الابتسامة المختبئة وراء الحزن، فهي كواكب قد تختفي خلف السحب، لكنها لا تفارق سماء القلب. ولتعلم أن لكل دمعة نهاية، وأن بعد كل عاصفة من دموع إنما تستقبل الطفولة أجمل الألوان في قوس المطر.


بالطفولة يحيا الأمل، وفي دموع الأطفال يتحدث الزمان. فليس هناك حزن إلى الأبد، ولا الفرح بمنأى عن غد جديد، وتلك الطفلة جميلة بكل حالاتها، جميلة بقوتها وأملها، جميلة بحلمِ غدٍ أفضل سيكون.


دكتور مفلح شحادة شحادة كاتب وشاعر المانيا

Hiamemaloha

About Hiamemaloha -

هنا تكتب وصفك

Subscribe to this Blog via Email :