الأربعاء، 3 ديسمبر 2025

Hiamemaloha

تراجيديا الخراب ونشيد العتمة للشاعر بن عيسى محمد

 تراجيدياُ الخرابِ ونشيدُ العتمة

بن عيسی محمد ( الجزائر)


نَمشي فوقَ رُكامِ المدينةِ،

وعلى حُطامِها.

كُلُّ شيءٍ هنا مُنهارٌ،

كَأيامِنا وأحلامِنا.

واللَّيلُ هنا أَثقلُ

على الأهالي المُشرَّدةِ

من شُيوخٍ، وأطفالٍ، ونساء.


---


ما تَبقّى نُسمِّيه وطنًا.

نَقِفُ في العتمةِ،

نَنتظرُ شيئًا لن يأتي،

لكنّ هذا كُلَّ ما تَبقّى لنا.

الانتظارُ هو ما يُبقي جُثثَنا واقفة.


---


في المساءِ القاتمِ،

يَزحفُ الناسُ

بوجوهِهم الضائعة،

بين خَراب البيوتِ والشوارعِ.

أصواتُهم كأنينٍ مكسورٍ،

وقلوبُهم تُصفّقُ للرِّيحِ والعواصف.


---


كنتُ أبحثُ عن بابٍ

واحدٍ لا يُؤدّي إلى الموت،

لكنّ كُلَّ الأبوابِ

كانت تُؤدّي لي،

وتَفتحُ على الظلِّ نفسِه.


---


كُلُّ شيءٍ أكلَهُ الرماد،

ولا أسمعُ إلّا صدى موتى

يَمضون فوقَ الأموات.


---


في داخلي أُمّةٌ كاملة،

أُمّةٌ فاسدةٌ

تنهضُ من قبرِها كُلَّ ليلةٍ

لِتُعيدَ مُحاكمتي:

"لماذا لم تَمُت؟"

هه… كان الموتُ يُكرِّرُ نفسَه،

فالأمواتُ لا يَموتون.


---


أنا مدينةٌ مُحطَّمة،

جدرانُها تَتهاوى

قبل أن يَلمسَها أحد.

الحربُ ليست في الخارج،

الحربُ في داخلي.


---


بداخلي تَمشي المدينةُ

بِرِجلٍ واحدةٍ كعجوزٍ

تتوكّأ على عصًا قديمةٍ

من عِظام الكاهنِ الأعمى،

لِتستقبل اللَّيل

عند مَدخلِها،

وتَصطفُّ الجُثثُ خلفَها

كأعمدةٍ للصلاة.


---


أجلسُ أنا على كُرسيِّ الرِّيح،

أُتأمّلُ المشهدَ،

وأُراجعُ فصولَ الحياة.

خُصلةٌ من شعرِ اللّيلِ الأشيب

تلتصقُ بِمعطفي.

يا للمدينةِ العمياء…

تستسلمُ لقاتلِها،

وتُعانقُهُ

كي تَفوزَ برَحمته.


---


وتَتمدّد كجُثّةٍ

بعد أن تَشرب آخرَ نجمةٍ مُطفأة

من ليلِها الجبان.


---


تَمُرّ عربةٌ سوداءُ بلا سائِق،

تَحمِل التاريخَ،

وأسماءَ الشهداءِ والخَوَنة،

وعناوينَ تُجّارِ الموت.

تَمُرّ بلا تحايا، صامتةً،

كريحٍ حارّةٍ وجافّةٍ؛

تَصفَعُني الفاجعةُ

فأموتُ عَطشًا وجفافًا.


---


وتملأ النصَّ نواقيسُ الكنائس،

وتصدحُ مآذنُ المساجد

من كلّ الجهات.

لقد مات الجميع،

وبقيَ الجنرالُ واقفًا أمام البنكِ المركزيِّ وحده،

بِبذلتِه القديمة.

ولم تَنْتَهِ الحرب.


---


Hiamemaloha

About Hiamemaloha -

هنا تكتب وصفك

Subscribe to this Blog via Email :