الأربعاء، 29 مايو 2019

خنساء الشام

وصايا أبي لبشاعر محمد القاضي

وصايا أبي
بقلم الشاعر محمد القاضي
أيا أبي
أحضرت قرطاسي وأقلامي 
ماذا سندرس من علوم السابقين
ماذا أسجل في كتابي إنني 
متشوق للفجر ترسمه عقول العارفين
متخوف أن تفسد الأوهام يوما فطرتي
وأتيه بين جحافل المتفلسفين
متحيرٌ .. ومن تراه إذن يبدد حيرتي
إذا الحقيقة لا تجيب السائلين
إذا الجهالة أوغلت وتصدرت
حلق الحوار ومجلس المتحدثين
إذا الأمانة أسلمت راياتها
وتنازلت عن عرشها للخائنين
إذا العدالة أسندت لمخادع
هل يرتجى الإنصاف عند مخادعين
كيف الخلاص إذا توارى الحق عني
ورأيت أن الشك قد قطع اليقين
وتداخلت كل الأمور فلا أرى 
ظلم الجهول يناقض الحق المبين
فادفع ظلام الجهل عني إنني
أبصرت وجه القبح يضحك في عيون الجاهلين
--------------------------------------------
اسمع بني وع حديثي جيدا
فالحق قد ضل الطريق إلى أذان السامعين
والناس حاروا في متاهات الهوى
ورضوا بأن يحيوا حيارى تائهين
فترى جموع السائرين كأنهم
ثملوا فساروا في الحياة مغيبين
لكنّ من عصم الإله فؤاده
سيرى بنور الله درب الصالحين
دع عنك أوهام الضلالة كلها
واربأ بعقلك عن دعاوي المرجفين
لا يخدعنك مفسد متستر
كذبا بأثواب الهداة العاقلين
فالعقل يأمر بالفضيلة والهوى
يجتاح كل فضيلة للمتقين
والقلب يخفق مرة من لوعة 
ويرق بالعظة البليغة حينا
والنفس تجنح للخمول وربها
لا يرتضي منها صنيع الخاملين 
فالزم سبيل الرشد واتبع نجمه
ولذ بعلم إن ترد ركنا حصينا
فالعلم نور لا يرد ضياءه 
إلا جهول هالك في الآفلين
لا يصلح الدنيا سفيه فعاله
إذ كيف يصلح من يعادي المصلحين
فاطرح بضاعة من تمادى جهله
واهجر هواه وفكره المفتون
لا يخدعنك إن تعالى صوته
لن ينصر الصوت الجهور أفينا
لن تصلح الدنيا بغير حضارة
تفشي السماحة والتمدن فينا
العدل فيها مستقر عرشه
حصن الحقوق وملجأ المتخاصمين
فهو الأمان لمن تبدد أمنه
وهو الملاذ لقلة مستضعفين
حكم يقيم الأمر عند نصابه
نور يضيء طريقه للسالكين
لا يرفض الإنصاف غير مكابر
رضي الحياة مناصرا للظالمين 
ولسوف يندم حين يدرك أنه
ربح القليل وضيع الغنم الثمين
فما كنوز الأرض إن أحرزتها
تغنيك عند تضرع المتأوهين
فاعدل وإن تربت يداك فإنه
لا خير في ظلم أذل جبينا 
الله قسّم رزقه في خلقه
فاشكر فإن الله يرضي الشاكرين
إياك والحقد المشوه وجهه
متلطخ قذرا وطينا
فالحقد مأساة الخليقة كلها
أفنى على مر الزمان قرونا
وإذا رأيت الخير عند جماعة 
ردد تعالى الله خير الرازقين
فالله ما ظلم العباد وإنما
هو البلاء يميز بين المبتلين
واخفض جناحك واجتنب كبر الهوى 
فما أجاد الكبر غير الناقصين
وإذا رأيت مذمة من غافل
فانصح برفق أن تضل الغافلين
وقل لعينك احذري وتأدبي
فالناس أيضا يملكون عيونا
وإذا أردت المكرمات جميعها
أو شئت تلحق بالهداة المهتدين
وحي الإله وشرع طه فيهما
سر الصلاح لسابقين ولاحقين
فاثبت على دين البشير وهديه
( حتى توسد في التراب دفينا )
( فلقد علمت بأن دين محمد
هو خير أديان البرية دينا )
-------------------------
الآن أدركت الحقيقة سيدي
جوزيت خيرا من إله العالمين
أحسنت نصحي والنجاة نصيحة
ساق الإله لنا خيار الناصحين
سأظل أعمل بالنصيحة مخلصا
حتى أراك غدا بروض الخالدين
قد كنت أرجو أن تظل بجانبي
ركنا حصينا مانعا ومعينا
لكن قضاء الله جل ثناؤه
كتب الفناء على الخلائق أجمعين
فلكل شيء في الحياة نهاية
حتى أبي أمسى حديث الذاكرين
-------------------------------
وصايا أبي
كلمات بقلم
محمد القاضي

خنساء الشام

About خنساء الشام -

هنا تكتب وصفك

Subscribe to this Blog via Email :