حديث لقاء
بقلم الشاعر دنياس عليلة
أتاني و الشوق من بعيد يسبقه
يشكو عشقا بات بنبضه يتحكّمُ
قال :
فؤادي بحبك شغوف كلف
و في هواك ملهوف هائمُ
أنا الوامق المتيم
حياتي بدونك خالية
الا من الأسى
و وجودي هباء و عدم
سقاني نأيك كأس النوى
دهاقا كأنه الحنظل العلقمُ
سئمت تباريح الهوى
والهوى مني لا يسأمُ
ما لقيت منه غير نار
تمور بالحشى و تتضرّمُ
و هجير اشواق
يلفح الأضلع كأنه الحممُ
فاض صدري من الجوى
و القدر يجور عليّ ويظلمُ
فما سلاك قلبي المعذب
و لا هو منك يُرحمُ
هذا الجسد علّه السهد
وهذه الروح أرقها الحنين
و الاجتياح النهم
فما ابعد الوصل
و ما اصعب
حين يخذلنا الحلمُ
ويعصفنا الألمُ
سأظل مع ركاب العاشقين أسير
أمني النفس بوصال به انعمُ
ما همني ان غزى دربي الردى
و تلبد في سمائي الغيمُ
اراني في لجج الهيام اغرقُ
و قلبك الأصمُّ
يستبيح ادمعي و لا ينطقُ
فيا حبة الروح
أ دلال جفاءك ام مصيري المحتمُ؟
******
قلت و القول مني
يترنّح و يتلعثمُ
أيا رجلا قلب موازيني
سلب مني رهيف الوجدان
وجعلني أُغرمُ
أ يخفاك ما تفضحه العينُ
حين يستحي اللسان ويكتمُ ؟
أ لم تع أني في حضرتك
يرتبك مني النبض
و يختلّ النظمُ ؟
واني على أعتابك
أصلب المنطق
حتىّ يحلو بيننا الهمسُ و الكلم ُ
ليتني أبوح سري للعلن
و الكل يعلمُ
أني ازددت حسنا و بهاء
لأنك تراني نورا
كأنني القمرُ و النجمُ
وأني منذ أصابني منك السهمُ ما أقصي من دفاتر شعري القلمُ
صار من وحي أوتارك
يشدو بالحرف و يترنّمُ
و صارت قصائدي
يراقصها اللحنُ
و يتلوّى على وقعها النغمُ
لأنك من خلف أبوابها تُلهمُ
فلولا الأحكام والقيمُ
لقتلت العواذل و بتُّ أجرمُ
لحطّمت الحواجز
و على المجازفة أقدمُ
و لو لا قيدي المحكمُ
لنذرت من أجلك العمر
و منحتك قلبا بالحبّ يفعمُ
أعلم أني بنار حبّك ابتليت
و أعلم أن الوصال هذيان و توهّمُ
فأنا لا أملك أمري ولا حتى حلمي
فكيف بشذى هواك أهيمُ و أحلمُ ؟
بتّ أغالب في نفسي شوقا
يسطو على جوارحي و يقتحمُ
أغتسل بماء السُّلوان
علني من الذنب أسلمُ
أنحر خيول الأهواء بداخلي
وصهيل الرّغبة ألجمُ
حتى يخرس لسانُ الحنين
و يصمت الشوق الآثمُ
فبربك أيها المتيم
كيف ترتجي مني وصلا
و هواك على قلبي محرّمُ ؟
دنياس عليلة / تونس