( فِداكَ مَوْطني )
بقلم الشاعر محمد شاكر البياتي
مالي أراكَ مَوْطِني مُسْتَباحُ
وَعُيونُكَ تَسْكُنُها الجِِراحُ
تَقْطُرُ مِنْ مُحَيّاكَ الدِماءُ
مُهَشّمُ الأضْلاعِ مُشَتَّتُُ
يَرْقُصُ على جِراحِكَ الأعْداءُ
مالي أراكَ مَوْطِني
السُمُّ والسَهْمُ غِذائُكَ
النارُ تَأكُلُ بَعْضَكَ
الداءُ يَغْزو نَخْلَكَ
تَسْتَكينُ بِكَ الخُطى
يُحَلَّلُ سَفْكُ الدَمِ
وَ يُعَذّبُ الأبْرِياءُ
مالي أراكَ مَوْطِني
لَسْتَ مُرَفَّهاً كَبَقِيّةِ الأوْطانِ
يَتَنَفّسُ عِطْرُكَ الرِثاءُ
المَوْتُ فيكَ فُسْحَةً
يُنْحَرُ عَلى خَدّيْكَ الشَبابُ
مِنَ الصَباحِ وَكَذا المَساءُ
الساكِتونَ كُثْرَةُُ
يَلْهَمُ رَمْلَكَ أبْنائُكَ الفُقَراءُ
والسارِقونَ أولِياءُ
لاعَرَبُُ يَنْصُرونَكَ
يَأكُلونَ لَحْمَكَ بِمَوائِدِهِهِمْ
وَدُموعُكَ شَرابُهُمْ
تَهْطُّلُ فيهِ الدِماءُ
مالي لا أراكَ مَوْطِني
مَناراتُكَ تَنْطُقُ إنّما
نَبْرَتُها بُكاءُ
أو تُقْرَعُ أجْراسُ كَنائِسِكَ
و تُغَرِّدُ البلابِلُ بأرْضِكَ
أوْ يُطْرِبُ الغِناءُ
مالي أرى مَوْطِني
شَمْسُهُ تَأفَلُ
تإنُّ روحُهُ باليَوْمِ ألْفَ مَرّةٍ
جَبينُ المَوْتِ بَصْمَتُهُ
مواسِمُهُهُ الحُزْنُ
سَرابُهُ كِبْرِياءُ
يَعْلو على هامَتِهِ الأشْقِياءُ
الذِئْبُ يَصْرَعُ خَيْلَهُ
صَوْتُ أشْجانِهِ دُعاءُ
مالي أراكَ مَوْطِني
الحََقُّ فيكَ مُعَطَّلُ
وَالعَدْلُ أصْبَحَ خُرافَةً
الكُفْرُ فيكَ مُأَوَّلُ
الغَيْثُ بِأَرْضِكَ يَضْمَأُ
الدينُ فيكَ لا يَعْدِلُ
مائُكَ الوَفيرُ يَصْدَأُ
نَعَقَ الغُرابُ بِثَغْرِكَ
والبومُ والغُرَباءُ
مالي أرى مَوْطِني
يَتَنَفّسُ دُخانَ المَقابِرِ هَواءُ
ثَوْبُهُ مُمَزَّقُُ تَحْكُمُهُ أهْواءُ
يُفَصِّلوهُ عَلى مَقاسِهِمْ
زُرِعَ الطاعونُ بِأَرْضِهِ
سَقوا حُقولَ السُحْتِ وَباءُ
غَدا الطُهْرُ سُبّةً
يتناسَلُ تَحْتَ قِبابِهِ هُراءُ
الحَبُّ فيهِ بَلاهَةً
فِداكَ أُمّي وأَبي ياعِراقُ
أنتَ العِزُّ لي وأنتَ البَهاءُ
الصَمْتُ بِحَضْرَتِكَ حَياءُ
نارُكَ جنَّةُُ
والبُعْدُ عَنْكَ شَقاءُ
------**--------**------
Mohammed AL Shakir
محمد شاكر البيّاتي
30 / 11 / 2019