* بَغْدَاد ... *
بقلم الشاعر محمد سعيد أبو مديغم
بَغْدَادُ يَا نَبْضَ حَرْفٍ فِي دَوَاوِينِي
إِلَيْكِ يَا خُلَّتِي شَدْوٌ فِلِسْطِيْنِي
قَدْ هَامَ وَصْلًا تَجَلَّى فِي نَوَاظِرِهِ
بِدَمْعِ حبٍّ هَمَى فِي ظِلِّ حِطّينِ
دَمْعٌ يَفِيْضُ جَوًى مِنْ أَعْيُنٍ خُضُلٍ
وَآخَرٌ تَاقَ عِشْقًا بَاتَ يُضْنِيني
فَالعَيْنُ وَامِقَةٌ وَالشِّعْرُ يَكْتُبُهَا
وَالقَلْبُ مَغْنَى وِصَالٍ فِيْكِ يَأْوِيني
بَغْدَادُ يَا عِطْرَ تَارِيخٍ ذَكَا شَرَفًا
يَخْتَالُ فَوْقَ الرُّبَى نَبْعًا وَيَسْقِيني
كَأَنَّمَا ازْدَانَ صَدْرُ الأُفْقِ مَفْخَرَةً
بِدَارِ فِكْرٍ عَلَتْ قَبْلَ السَّلَاطِينِ
شَمَّاءُ كَالشَّمْسِ فِي حُسْنٍ إِذَا انْبَلَجَتْ
دَامَتْ عَلَى عَرشِ مَجْدٍ فِي المَيَادِينِ
سَمَاؤُهَا بِعُيونِ اللَّيلِ مُزْهِرَةٌ
وَأرْضُهَا جنّةٌ شَجْرَاءُ تُغْرِيني
تَرَى بِهَا الزَّهْرَ أَلْوانًا مُطَهَّمَةً
وَالطَّيرُ فَوْقَ سُعُوفِ النَّخلِ يُشْجِيني
فِيْهَا فُرَاتٌ نَمِيرٌ فَاضَ فِي دَفَقٍ
يَرْوِي العِطَاشَ وَنَبْعُ الشَّوْقِ يَرْوِيني
يَا دِجْلةَ الخَيْرِ هَذَا النَّبْعُ أَعْشَقُهُ
قَلْبِي يَهِيْمُ وَأَشْوَاقِي تُجَارِيني
يَا ابْنَ الرَّشِيْدِ ألَا بَيْتٌ فَيَجْمَعُنُا
كَبَيْتِ هَارُوْنَ فِي الزَّوْرَاء يَأْوِيني
قَدْ قُلْتَ لِلْمُزْنِ أَنَّى شِئْتِ فَامْتَطِرِي
هَذَا خَرَاجُكِ رغمَ البُعْدِ يَأْتِيْني
مَاذَا سَأَكْتُبُ عَنْ أَرْضٍ سَبَتْ خَلَدِي
جَرَى هَوَاهَا كَنَهْرٍ فِي شَرَايِيْنِي
وَكَيْفَ أَمْلِكُ نَفْسِي مِنْ مُغَازَلَةٍ
وَبَيْنَ قَلْبِي هَوَى النَّهْرَينِْ يُسْبِيني
إِنِّي أُعَلِّلُ نَفْسِي فِي لِقَا شَغَفٍ
يَصْبُو لَهُ القَلْبُ فِي بَغْدَادَ يُحْيِيني
فَلَا تَلُوْمُوا فُؤَادًا قَدْ هَوَى وَطَنًا
هَذا العِرَاقُ عَرِيسُ الأمْسِ والحِينِ
والحُبُّ بَغْدَادُ وَالأَهْوَاءُ أَجْمَعها
هذا العِرَاقُ وَعِشْقُ الرُّوحِ يُدْنِيني
********
محمد سعيد أبو مديغم
بحر البسيط
فلسطين
الخُلَّةُ : المحبَّة التي تخلَّلت القلب
المَغْنَى : مَسكن
ذَكَا : فاحَ /شَذَا
يَخْتَالُ : يزدان / معنى آخر : يَتَبَخْتَر
شَجْراء : كثيفة الأشجار
مُطَهَّمَة : بارعةُ الجمال
نمير : حلو المذاق
الزَّوْرَاء : بغداد