ضاقت الدنيا
بقلم الشاغر عبد العزيز دغيش
ضاقت الدنيا وضاق حالي وخاطري
بما أتسعتْ من صنيعِ فجارٍ وهواملِ
"ألا أيها الليل الطويلِ ألا انجلِ
بصبحٍ وما الاصباح
منك بأمثلِ "
ضاقت وضيقت
على وريد الطفل والمعمر
وامسكت بخناق الممتلئ والخلي
لم تستبق ضعيفا او قوي ؛ سوِيا اوسلي
في وطنٍ لم يمهره بنيه عشقاً وحباً أولي
طالتْهُ .. افرغتْهُ مما سجّل التاريخ لهُ
وطناً للفضلِ والعدل
والخير والمُثُلِ
ضاقت الدنيا به ..
طوقتْهُ شيعاُ ، سلبتْهُ سِيَاجَه ؛
عِبَرَ الماضي وحبِ المستقبلِ
ضربتْ العقول والجماجمَ والافئدة
وابقتْ بطوناً خاوية
تدمُّ كطبلٍ خلِي
هَزُلت وشاهت وتوحشتْ
الضمائرُ أُتْلِفتْ
والمصائرُ سُلِّمتْ للأحمق الأجهلِ
للنذلِ للسفيهِ للعربيدِ للدنيئ والأشرِّ
والأخبثِ وما نتأَ في التاريخِ من سفلِ
"ألا أيها الليل الطويل ألا انجل
بصبح وما الاصباح منك بأمثل"
****
تشعّبتْ اهواءُنا وهوتْ بنا اقدارُنا
وتدحرجتْ اخبارُنا
الى اسفلِ سافلِ
كففنا الصعودَ الى العلا
واحلامنا تبرمجتْ
على النِزْرِِ
وعلى إدارةِ الخدِّ الأيسرِ للولِي
فاذا بنا كعصفٍ يتآكلُ ويؤكلُ
عُرْضَةً للوضيعِ والنذلِ والانذلِ
ألا رُبَّ حنينٍ فتِيٍ يحنُّ
حنينَ شهيدٍ ماجدٍ
ﻷول منزلِ
حنينُ حبيبٍ واثقٍ من نفسه
ما ضرّهُ حفظَ عهدِه للحبيبِ الاولِ
ضاقت .. بالمظالم أُغرِقتْ
وبالمآسي والمهازل لَهَتْ
أبكتْ وتندّرت
فلما يا ساعة القيامة تتأجلي
***
" ألا ايها الليل الطويل ألا انجل "
يتقاذفُنا الانذالُ في كلِ محفلِ
رُزئنا بدهرٍ بالجورِ بالاجرامِ
بالدمِ بالمرارةِ
والقهرِ مُثقلِ
على بحارِ دمائِنا تعومُ بوارجُ الفجورِ
وطائراتُهم تحومُ ويسلو
بعضُنا بالتعللِ
بقحافِ جماجمَ اطفالنا يشربون
ويثملون ويتفننون في التضليل والتنصلِ
يتسابقُ حكامُنا على الخنوعِ والركوعِ
وعلى النهبِ و الاثراء المستعجلِ
الضمائرُ تخبو والفكرُ
وتنأى الثقافةُ
يعلو التطفلُ
ويُعلبُ الأعلون وعياً مُسْتَغفَلِ
يهزؤون بالعقلِ
وبالحقِ والواجبِ يستهترون
وينحطُّون بلعقِ الدماءِ
دأبُ المتغولِ
كل يدلو بدلوِه في سَيْطِ ظهرَ أمِّه
وكأننا شعب يعاني من الهطل
" ألا ايها الليل الطويل ألا أنجلي "
الى متى تعشعشُ بفجورِها تمرُّ وتنطلي
قد ضاقت واكفهرت ، اما من شعلة
نستعيد بها صفاء النفس
واطلالة الأمل
ضاقت فلما اشتد طغيانها فرجت
ألا يا يوم اعادة كتابة التاريخ ألا أقبل
..
.
عبدالعزيز دغيش .