رصد العيون
بقلم الأستاذ حشاني زغيدي
خاطرتي مجرد تأمل واعي لأحوالنا ، التي قد تعني كل واحد منا، فرصد العيون و تتتبع العورات أصبح حرفة البطالين المشغولين بحياة الأخرين، و هي أزمة أخلاقية حقيقية وجب علاجها ، لأن المسلم يشعله هموم أمته و أحوال نفسه، أما قضايا الناس الخاصة فلا تهمه و لا تعنيه .
كتبت خاطرتي فقلت:
أجلس وحدي في حجري الذي أختاره قدري، أرصد الأحداث
أكتبها بمداد سحري، خوفا من الطيف الذي يرصدني، يقلد حركاتي، يتسمع نبضاتي، يتابع حركات خفقاتي، يتسمع نبضات قلبي، نعم اخترت قلمي السحري، حتى لا تعدم طيف خواطري، التي تشكو تتبع عوراتي المستورة ، كنت أحسب أن فراقي قد يداوي الجراح، أو قد يردم الأكداس، و لكن... مع هذا الفراق ظل الرصد يتابعني.، يلاحقني كظلي ؛ الذي لا يفارقني، ما زال ذاك يكيل لي التهم، مازال يحملني خراب غرناطة و ضياع إشبيليا، رغم طول الفراق، مازلت ملاحق متابع ، ترصدني عيون المخبر، كم أحببت التخفي و الانزواء، ليس خوفا من قدري، و لكن خوفا من لذغ العقارب و الحيات السامة ، كنت أحسب أن أيامي و أحلامي تخصني، و لكن وجدت من يشاركني المبيت معي في زوايا بيتي، حتى و لو اخترت العراء، أو العيش في الأدغال، فسهامهم تظل تلاحقني ، اعتقادا منهم أنني جزء من التركة الموروثة.
رغم أحلامي الصغيرة التي رسمتها منذ الصغر في كناشي الصغير ؛ أن أعيش حرا طليقا، أحلق في السماء، أشم عطر الحياة الساحرة، أبني كوخي من جدوع النخل ، و سعف الجريد، يكفيني في ذلك كله؛ أن أغمض عيناي، فأرى النور داخلي، يشع بالأنوار الهادية.
أريد أحلام البسطاء ، أريد أن أحيا بعيدا عن الأضواء.، فالأنوار الكاشفة يؤذي العيون المرهفة، المأسورة بحب الأنوار الهادئة السحرية، لأن الهدوء نعمة،مفقودة ، فقد كنت دائما أقول إن سحر الحياة أن تصادق ذاتك ، أن تصاحب الروح النقية ، التي تشكو ضعفها و هوانها ، تعشق الخير المدفون في النفوس الطيبة، التي ترفعت عن رصد الهفوات و تتبع العورات ، ليتي تعلمت من ضعفي أن نفسي تحتاج العلاج ،فأعكف في زوايا حجري أحلم و أتأمل .
الأستاذ حشاني زغيدي