ويسألونك : عن العزلة.
العزلة غير الوحدة. هي ابتعاد إرادي عن الآخر لأسباب خاصة، وقد تتحول إلى حالة نفسية خطيرة قد تؤثر سلبيا على صاحبها وتحكم عليه بنهاية قسرية شديدة الوقع.
لا تستسلم للعزلة في لحظة يأس شارذة، لا تجعلها تصطادك كفريسة وتسقط في شباكها إلى الأبد. حقيقة أن العزلة أفضل من رفيق سوء، تجعلك تبتعد عن الغيبة وتكره النميمة، ولكنها قد تجعل منك عبدا طائعا مطيعا. لن تستطيع أبدا أن تثور ضدها إذا ما أحكمت قبضتها عليك لأنها حتما ستنال منك، ستقتلك، ببطء شديد. هي تستلذ عذابك وتتغذى من معاناتك. لا تجعل منها شهرزادك، حتما ستكون كذلك سيافك الذي سيضرب عنقك، ذات صباح دون رحمة ولا شفقة . لا تنتظر حلول الصباح المباح، ستسحرك بعذب كلامها، توسوس لك بحيلها التي تأسر عقلك وتشل حركة تفكيرك، أوقفها عن الحكي، كن شهريار الحكيم ،كن شهريار العظيم، لا تجعلها تأسرك بحكاياتها الرتيبة ، سوف تستفيق من غفوتك على واقع مرير،ولن ينفعك، حينها الندم . أوقفها ،أنت ،متى شئت، لا تتركها تلعب بعقلك لتدخلك في متاهة من القصص التي تحجب عنك الرؤية فلا ترى إلا أوهاما وسرابا وحطام أحلام وركام أطياف ينسيك الواقع . أوقف شهرزاد عن الكلام الملغوم ، وتخلص منها أو أعتقها قبل أن تقع في شباك سحرها، هبْها حريتها وتمتعْ بسراحك، دعها تنصرف كي لا تعود أبدا. أخرجْ من ذلك القصر المشؤوم، فهو محاط بالأسلاك والأشواك، قد تدمي قلبك أشواكها المسمومة، أركض بعيدا عن أسواره العالية، خذ نفسا عميقا واستنشق الهواء قبل طلوع الشمس وانتباه خيوطها الذهبية ، اغرف جرعات من الغدير الحالم، ستراه يبتسم لك وهو يستيقظ من أحلام الليل ، وتمعن،تمعن في بهاء الفضاء الرحب. في جمال الطبيعة،في الملكوت الرباني، واصرخْ بأعلى صوتك، أفرغ كل الأسى والشجن والحقد والكره والألم، لا تنصت لصدى صوتك وهو يتردد بين الأودية والجبال، كل هذا الفضاء اللامتناهي،كل هذا العشق المطلق ،هذه الحرية النفسية، انعتاقك، كل هذه الأشياء ملك لك، ولوحدك. فتمتع بسراحك وابتعد ،ابتعد عن العزلة ولا تعد إليها مجددا فهي شيطان مارد وجِدْ لنفسك متنفسا يهديك إياه القلم أو الناي والكمان... لا تتردد،
بقلم: ذة. لطيفة ناجي