ياسمينُ الشامِ
بقلم الشاعر كامل بشتاوي
عندما يبكي ياسمينُ الشامِ
يئنُ برتقال يافا
ويصابُ عنبُ الخليل بالإحباطِْ..
هكذا تروى نساء دمشق الحكاية
من جيل لجيل..
فينتفض ليمون حيفا
ويغار الزنجبيل..
فتنام أرصفة الشوارع
على قناديل المساء..
فترتشف شتلات الحبق
رضاب بردي بهدوء..
عند زاوية المقهى القديم
وعند حافة النهر..
وهي تستمع لناي حزينة
تاهت بين زمنين..
لتعبد شوارعها بالحنين
وتعلق على كل باب
من الأبواب السبعة
شارة نصر..
من زمن الألهة القديمة
فتسمع صهيل خيلها
توشوش زنابق الحقل..
فتطرح ورداً يشبهها.
ينام على أطراف سور عكا
ويستحم بمياه شاطئها..
وعند بزوغ الفجر
تتفتح شقائق النعمان
أمام باب المغاربة..
وتهدي زهرة الزنبق الأحمر
عبيرها لحائط البراق.
فتنثر التسامح والمحبة
بين باب الصالحية
وباب الشام.
يحتفي ياسمين دمشق بالغريب
رغم حزن البنفسج
وبكاء اليمام
فوق أسطحة الشام القديمة..
فلا تبتئس لغيمة عابرة
لم تلقى تحيتها على بساتين بردي
ولا تكترث للريح العاتية
إن كسرت غصن الاكاسيا..
أو شجرة الصنوبر البري
التي احتلها سرب الزراير
عند مقهى الروضة في حمص..
وفي مرج ابن عامر
وعلى أطراف الجليل
تستنشق عبق التاريخ..
وتعانق القاسم ودرويش
فيطير بك الوجد ويأخذك
إلى تأوهات العاصي..
فيقابلك ديك الجن الحمصي
ورنين أجراس الكنائس..
فأينما رحلت تجد عبق الشام
وياسمينة رحلت مسرعة
لتتربع تحت نخيل بيسان
تحاكي طيور المكان..
وترسل عبيرها لقرنفلة
تنام على جبل الكرمل
قرب سوسنة بيضاء
تنتظر بزوغ الشمس..
لتفتح أبواب الشام السبعة
وباب الإسباط ودرب الألام
مزنرة بأكاليل الياسمين..
هي دمشق وحدها
حديقة العشق الأبدي
وحدها تبقى ما بقى الأقصي
على قيد الحياة
كامل بشتاوي 10/7/2019