"إختفاء وطن"
أعيشُ في وطنٍ
كان الحُلمُ فيه كوخاً
من صلصال وأحجار
يتوسّط الفُلّ والقُرُنفُلَ
والنعنع والصُبّار
يظلّلهم السرو وإلسنديان
وعمالقة الأشجار
وديك يصيح معلناً
بدء النهار
ترافقه الطيور
والفراشات والأزهار
نجتمع حول طبليّةٍ
عليها زيتون وزعتر
وتينٌ وخُضار
وفي أحد أركانه
برميلَ ماءٍ عليه
جرّة فخّار
وقنديل كازٍ وحطبٍ
يتوهّج منه النّار
والصبايا يرتدين
عباءاتٍ مطرّزة
على خصرِها زنّار
والشباب
حولهن كالجدار
يحموهن
من غريبٍ غدّار
كإخوة لهن بإختصار
ويتبارون مرّة
بالسيف والترس
وأخرى
بالزجل والأشعار
وما ليس عندنا
يمدّنا به الجار
بلا مقدّمات ولا أعذار
حياةٌ بسيطةٌ لا
غموضٌ فيها ولا أسرار
وساعة العصاري
نجتمع حول الدّار
نروي قصصاً
ونضحك باستمرار
بعفويّة صغاراً وكبار
إختفى كلّ شيء
في وضح النّهار
صرنا نفتقد الأمن
والإستقرار
وإنتابنا شعورٌ بالإنكسار
أين وطني والحلم
وإلأرز والغار
ما عاد لهم أثر
ولا عاد للقلاع آثار
وجدتني بالعراء
لا ناي يشجيني صوته
ولا نفخ مزمار
والأهل رحلوا
ورحل خلفهم
كلّ من في الجوار
أيختفي وطن هكذا
بلا سابق إنذار؟
فاطمة البلطجي
لبنان /صيدا