أمي
محمد حسام الدين دويدري
_________
الحبّ في قلبِها المحزون موقِدُهُ=والصدق من ثغرها البسام موردُهُ
كم أشرقت تَترَع الآلام حين رأت=دمعي يسيل لهمّ صِرْتُ أعهدُهُ
كانت تخفف عن صدري الحزين أسىً=كي أستعيدَ سداداً كِدتُ أفقدهُ
تبغي مجابهة الآلام؛ تهزمها=حتى أحقق نصراً كنت مبعَدَهُ
حين استباح عيوني الضعف صرت أرى=دمع الشقيّ على الخدين مُرعِدُهُ
إذا دنوتُ تَسامَتْ بابتسامتها=كي لا أُحِسَ بما أضحتْ تعانده
وإن لجأتُ إلى الصدر الحنون غدا=دفق الحنان سنا في القلب مقصده
كم أدّبته وكم راحت نشيد على=أسّ العَفافِ بناءً كي ترشِّدهُ
حتى تقيمَ على الأخلاقِ بنيته=تبغي الصلاح بشرع لا يبدِّدُه
مازلت أذكر أياماً لزمت بها=ذاك السرير على لحنٍ تردده
كنت الصغيرَ وكانت في تودُّدِها=تجني العناء بما أضخت تعانده
في الليلٌ تسهر كي تحكي لأوردتي=عن عالمٍ غامضٍ ما كنت أشهدُهُ
تنثال من ثغرها ترنيمة عبقت=من قلبها بالدعا لله تحمده
فاضت على وجهها إشراقة ومضت=في صبرها تشكر الله وتعبده
كان المخاض صدى شوقٍ جنته فلم=تأبه وفي صمتها جهد تعاضده
حتى كبرتُ وأثرتني سماحتها=والصدر لي منزل مازلتُ أسعِدُهُ
وصِرتُ من فضلها بين الورى رجلاً=يبتاع من علمه ما ليس يُنجِدُهُ
ويجتبي العيش سعيا كي يصير أباً=في واحة رامها نصراً يُمَجِّدُهُ
لكنني سوف أبقى ما حييت وفي=قلبي مدى طاعة ليست تُرَمِّدُهُ
**=**
كم ليلة سهرت والدمع عالمها=إنْ لفَّني ألم واهٍ فتُبعِدُهُ
تحنو على وجنةٍ ظمأى لِقُبلَتِها=يَنساب في ثغرها لحنٌ تُسَدِّدُه
مازلت أسمعه في عمق ذاكرتي=وأشتهي كرماً في القلب تحشده
مازلت ابناً نما في حضن مدرسة=أثرته من كنز أخلاق تؤيده
أمي وفي أضلعي مهما كبرت فلن=أنسى بأن السنا كفاك مورده
مهما بعدت ومهما ضمني رغد=فالحب في قلبك الوضاء أنشده
,,,,,,,,,,,,,,,
حلب الجمعة 20/3/1981
من مجموعة: قصاصات على شواطئ الزمن