بحرُ السّحرِ
الشاعر السوري فؤاد زاديكى
لِلَّحْنِ آهٌ إذا ما لانَ عازِفُهُ ... هلْ تُطْرَبُ النّفسُ عندَ القَولِ أوَّاهُ؟
يا مُنْطِقَ الحِسِّ بِاسْتِجلاءِ نَشوتِهِ ... شِعرًا بِروحِهِ تُسْتَجْلَى خَفَايَاهُ
السُّهْدُ يَمْلِكُ مِنْ ليلٍ مَباهِجَهُ ... عندَ التّسامُرِ نَزْفُ الليلِ أعْيَاهُ
في مَوكِبِ الشّمسِ وَهجٌ مُنعِشٌ شَغَفًا ... في عُمقِ صَفْوٍعَزاءُ الشِّعرِ أحْيَاهُ
في خاطِرِ الوَجدِ لا ذِكرٌ يُنادِمُنا ... إلّا لِيَشْهَدَ أنّ الصِّدقَ نَجْوَاهُ
أوّاهُ تَعني لِمَنْ يَسعَى مُنادَمةً ... أنّ التّسامُرَ نبضُ الذّكرِ أغْرَاهُ
ما كان إلّا سبيلُ الأنْسِ جامِعَنَا ... في واقِعِ الأمرِ ما كُنَّا لنَسْلاهُ
الحُلمُ يَغْرَقُ في أطيافِ خاطِرةٍ ... صاغَتْ حنينَها مِنْ نَجْوَى بَقَايَاهُ
إنّ المُحِبَّ متى أعطى شهادَتَهُ ... تَعني أكيدًا دواءُ القلبِ لَيلَاهُ
لا الرّوحُ تَسأمُ إمَّا هَزَها وَجَعٌ ... دَعوى الوِصالِ وِفاقٌ مَنَّهُ اللهُ
الجُرحُ يَشْهَدُ أنّ القلبَ مُبْتَهِلٌ ... في حُرْمَةِ الحُسْنِ مِنهُ الوصفُ أغْرَاهُ
بَحرُ الأماني على أكتافِ غَمْرَتِهِ ... مَبْنَى مَعَانٍ عَلَيها انْهَلَّ مَجْرَاهُ
لولا الرّجاءُ لَما دامَتْ مواسِمُنا ... في كُلِّ حينٍ حَنايَا النّفسِ تَهْوَاهُ
لا يُسْألُ القلبُ عَمّا الشّوقُ فَاعِلُهُ ... هذي حقيقةُ ما بالأمرِ نَلْقَاهُ
صَمتُ الجوارِحِ لا يَعْني تَمَنُّعَهَا ... عَمّا يُحَقِّقُ مَبْغَاهَا و مَبْغَاهُ
وَقْعُ المخالِبِ ما كانتْ شَراسَتُها ... فالقلبُ يُدرِكُ عُمقَ البَحرِ, عُقْباهُ
الكّلُّ يَعْلَمُ كَمْ بالعِشْقِ مِنْ ألَمٍ ... قد يُتْعِبُ القلبَ أو يُخْفِي مَرَايَاهُ
فَجرُ المحاسِنِ مِنْ أنثى مَباسِمُهُ ... تَحلو بِروحٍ وإنّ النّفسَ تَسْعَاهُ
يا مُطْلِقَ السِّحرِ إغراءً يُزاحِمُنَا ... بَحْرًا سَرِيعًا مِنَ الأعباءِ خُضْنَاهُ
ما زادَ إلّا دَلالًا في تَمَوُّجِهِ ... إنّ الفؤادَ يَرَى بالمَوجِ مَرآهُ
يَحلُو بَهِيًّا سَخِيًّا في تَكَرُّمِهِ ... جادَ العطاءَ و ما إخْتَلَّ مَسْعَاهُ
خَلِّ الفؤادَعلى مَبْنَى هَواجِسِهِ ... مَسْعَى وِصالِ الرِّضى ما عاشَ لَوْلاهُ
مَدُّ المشاعرِ أمواجٌ تَراكُمُها ... تُحْيي مِزاجًا إذا إِهْتَزَّ رُكْنَاهُ
دَفْعُ المباهِجِ تَدعُونا مَواسِمُهُ ... حتّى نُفَرِّجَ ما هَمٌّ تَوَلَّاهُ
لَيتَ المَناسِكَ بِالإحسانِ عُمْرَتُها ... عندَ الأحِبَّةِ لا تَخْبُو عَطَايَاهُ
أوّاهُ صَدْرِكَ تَعْنِي ما بِدَاخِلِهِ ... والصَّدرُ يُعْلِنُ ما تَحوي زَوَايَاهُ
مِنْ طاقَةِ العِشقِ في إبداعِ نَشْوَتِها ... لا يَغفُلُ الصّبُّ ما تَعْنِيْهِ أوَّاهُ.