بلاغةُ القول
أضْحى التّأخرُ في المَسعى لنا قَدرا*والغِشُّ عَلّمنا التّمويهَ والكدرا
إنّي كَرهتُ سوادَ الغِشّ في وطني***وخابَ ظَنّي بما يجْري وما انتشرا
وقدْ تَيقّنْتُ أنّا ليسَ يُنْقذنا**ممّا نُعاني سوى الإقدامُ إنْ صَدرا
فإنْ أردْنا اكْتسابَ العلْمِ ليسَ لنا***إلاّ التّعلّمُ كيْ نبْني لنا قَدرا
ومَنْ يكُنْ بِطُموحِ الجِدّ مُجتهِداً*أضْحى اجْتهادُهُ في التّحصيلِ مُعتبرا
////
حُبُّ السّلامةِ لا يُجْدي مَنِ انْبطَحا***ولبُّ قَوْلي بهِ المعنى قدِ اتّضـحا
ترجو السّلامةَ في الدُّنيا بلا ثمنٍ***وأنتَ تشْعرُ أنّ الكيلَ قدْ طفَحا
وقدْ تُكَبّلكَ الأغلالُ وَقْتئِذٍ***ومنْ تمرّدَ ذاقَ المُـــــــــرَّ واللّفَـحا
إنّي أُسِرْتُ فَذُقْتُ الأسْرَ مُنفرداً***وكُنْتُ طفلاً بِروحِ الجِدِّ قدْ مَـرَحا
وما السّلامةُ في الدّنيا سوى أملٌ***يُعدُّ في فَلكِ الألفاظِ مُصْطلَحا
////
سألتُ مَنْ حَملوا الأقلامَ في وَطني***عنِ المَواهبِ والإبْداعِ في زمني
وخلْفَ أجْوِبَةِ الأفْواهِ فاجأني***نهيقُ شعْبٍ يَلوكُ الجهلَ بِالوهنِ
يَروْنَ أمّتهُمْ في الغيِّ قَدْ غَرقَتْ***تحْت الجَهالة في الظّلماءِ بالفتَنِ
وما مَدارسُنا بالدّاءِ قَدْ فَطِنتْ*ولا الأساتذةُ ارْتاحوا من المحنِ
إذا العقول تخلّت عن وظائفها**شلّت جدارتها في كافّة المهن
////
بلاغةُ القَولِ لا تحْتاجُ توْضيحا***والنّظمُ في الشّعْرلا يحتاجُ تصْحيحا
ومَنْ تعلّمَ فنَّ النّظْمِ أوْهـــبهُ***ربُّ االعبادِ بعَينِ العَقلِ تسْريحا
لا يَمْتطي الحَرْفَ إلاّ مُبدعٌ فَطِنٌ***يختالُ في فلكِ الإيحاءِ تلْميحا
لا غافلٌ جَهلتْ يُمناهُ ما كتبتْ***ولا بخيلٌ بجِدّ الكَدّ شِحّـيحا
والنّظم عندي بِحاراً أسْتحِمُّ بها***وفي شواطـئها أشتاقُ ترْويحا
////
كفى انحطاطاً بجهلٍ لا لهُ مثلُ**وهلْ سَمعتَ بِظلٍّ ليسَ ينتقلُ
تعْمى العُيونُ إذا الأذهانُ خلّفها*سوءُ التعلّمِ إذ تعْمى به المُقَلُ
لا يَجْتني النّفعَ إلاّ كلُّ ذي ثِقَةٍ***ولا يَخوضُ الوَغى من طبعُهُ الوجــلُ
فكلّ علْمٍ بنورِ العقْلِ مُرتَبِطٌ***وكلّ جِدّ بحَــبْلِ الفَوْز مُتّـــصلُ
هُما سَبيلا فلاحٍ حِكْمةٌ وهُدىً***إن كنتَ تطْمحُ أنْ يرقى بكَ العملُ
////
ما بالعقولِ بحَبْلِ العجْزِ تعْتَصِمُ**هلِ المدارسُ بالتّقْصيرِ تنْتقمُ
أمِ الوزارةُ في توْجيهها انْحَرفتْ؟***أمْ أنّها بِغَباءِ النّهجِ تتّسمُ
وذوالوزارةِ راضٍ عنْ تخَلّفنا***ونحنُ بالوهنِ المَذْمومِ نتّــــهَمُ
والعجزُ ضعفٌ وعقلُ المرءِ بوصلةٌ***والرّأيُ عنْدَ ذَوي الألبابِ يُحْترَمُ
بذا قضى الضّعفُ أنْ نبقى بلا أملٍ***نلْهو ونلعبُ والأعْمارُ تنْصَرِمُ
////
إنّي أطالبُ أهلَ العلمِ تجديدا***لأنّ نكْســتنا تزدادُ تعْــــــقيدا
طال انكساري بشأن الجَهلِ في وطني**وزادني الأملُ المفقودُ تصْفيدا
فاسألْ بلادي عنِ التّعليمِ في زمنٍ*أحاطَنا بفُنونِ العلْمِ تجْديدا
تحْيا العقولُ بكسْبِ العلمِ إنْ رَغِبتْ***فتَسْتعينُ بلمِّ الشّملِ توْحيدا
وإنْ تهاونَ أهلُ الأمرِ وانْبطحوا***زاد التّخَلّف في التّدريسِ تصْعيدا
محمد الدبلي الفاطمي