زَوْبَعة فِنْجان
أنتِ تتوهمين وعن أي سلاح تتحدثين
لا أحد يقرأ، ولم يعد القلم ينفع حتى لِنشَّ الذًّباب وطرد البَعُوض ولم يستطع يومًا فقأ عينٌ واحدة من تلك العيون المُتربِّصة ولا شقّ بطن من الكروش المنتفخة ولا حتى مُداواة جروحنا الغائرة وحتى أكون منصف، أحيانًا أو في بعض الأحيان يصدر صريرًا محدثًا زوبعة في فنجان لا أكثر
أذكر جيدًا ذلك السيد المُتربِّع داخل تلفاز بيتنا، ذلك المُذيع المحترف ذو الشعر المُجعَّد والوجه المُدوَّر وشنب أو شارب يقف عليه الطير، يرتدي دومًا الزي التقليدي والذي يقول الحق دائمًا ويأتي بإخبار صحيحة، ذلك الشخص يأتي عند الساعة السابعة مساءً في برنامج حصاد الأسبوع والذي يبدأ برنامجه بموسيقى غريبة تعبث في أذني الوسطى بصوتٍ أو كنَغْمة نَشَاز سمعته يقول ذات مرّة أن الصحافة السلطة الرابعة، ترددت هذه الجملة أو العِبارة في داخلي كثيرًا ودومًا أسمع صدى صوتها حتى حسبتُ الصحافة كالشرطة وما أشبه ذلك المذيع برجل أمن، بل حسبتها أكبر من ذلك كمسؤول رفيع المستوى أو كرئيس دولة وإذ بي أكتشف وبعد سِنين طويلة أن بعض المظاهر خداعة والحقائق قد تكون زائِفة وتلك السُّلْطة التى تشدق بها ذلك المذيع وغيره لا تملك سلطة حتى على قلمها ولا على نفسها
أنا لم أزعل من شيء فالحياة تعطي الدروس دومًا ولم أبكي على شيء بِقدر بكائي على تلك الأفكار التى أعتقدتها صحيحة وإذ بها وهم وما أكثر أوهامنا اليوم
القلم لم يعد ينفع لشيء ولم يعد يفعل شيئًا سِوى نزف الوجع على ورقـة بيضاء
ومع كل تلك الدروس الصعبة القاسية ما زلتُ أستغرب، أعرف قاتل مأجور وصار هناك قلم مأجور أما فكر مأجور هذه أول مرة أسمع عنها ولا أعرف من صنفَ النُّبلاء السلطة الثانية والعامة السلطة الثالثة والإعلام أو الصحافة السلطة الرابعة وقال أن الدين السلطة الأولى
السلاح اليوم موجود والدولة صارت كالبقرة الحَلوب ومن له القُدْرة يأتي بدلوه ويملأ
صارحوا أنفسكم ودعوا أقلامكم تكتب بِكل حرية لتعبر عن أفكاركم وأعيدوا للقلم مكانته فهو في زمن ما...(كان سلطان زمانه)
🖊الحسين صبري