أمل...
غريب كيف نأتي إلى هذا العالم بشعور زائل من الطمأنينة و الأمان، يبدأ منذ اللحظة الأولى للإخصاب في رحم الأمهات حيث الدفء و الغذاء و السباحة في ذلك السائل اللزج الشفاف الذي يمنع عنا الصدمات...
لكن من يمنعها عنك بعد ذلك حين تخرج إلى الحياة الحقيقية ؟
تضمنا ذراعات أمهاتنا و يغلفنا حبهن طويلا، لكنهن يتعبن في النهاية...
يضمنا الأصدقاء ثم يرحلون لسبب أو لآخر لأنهم في النهاية بشر مثلنا تحكمهم قوانين الحياة...
فمن يمنع عنك إذن أحاسيس الغربة أو ضربات القدر الموجعة أو أحزان الفشل المرهقة ؟
قدرتك فقط على التحمل و اعتمادك على نفسك في ايجاد هدف نبيل لحياتك، هما من يجعلان الحياة جديرة بأن تعاش.
قدرتك بأن تجمع شتات نفسك و قلبك قطعة قطعة تعيد ترتيبهما و وضع لصاق عليهما كما نفعل تماما عندما تنكسر إحدى القطع الأثرية الثمينة...
قدرتك على أن تجعل من نزيف مشاعرك سقاية لحديقة خلفية تنبت منها أزهارا و ورودا تعطي بها أملا لغيرك ممن يحزنون...
لازلت أذكر تلك الصديقة التي توفت والدتها و نحن على أعتاب الباكالوريا، وقفت عاجزة عن مواساتها، بدت لي كل الكلمات قاصرة و حتى الأفعال...جملة واحدة فقط كانت تستحق أن تقال : "كوني قوية ! من أجلها، من أجل ذكراها، من أجلك أيضا لأنك تستحقين الأفضل ! "
لم أقلها آنذاك لكنها جعلتني أؤمن بأن الكلمات التي لم تقل، لا بد أن تقال يوما ما، من أجل شخص ما، في مكان ما...
نادية مداني/المغرب