أمام شارة المرور
محمد حسام الدين دويدري
_____________
ووقَفتُ أعاتبُ قافيتي في لحظةِ صِدقٍ مَسبيَّةْ
أسألُ ذاتي عَنْ حاضِرِها
عَنْ مُنعَطَفاتٍ مَقصِيَّة
عَنْ قِصّةِ وَهمٍ وأمانٍ
ودُمىً تَسْتَعرِضُ قُدرَتَها في خَلْقِ شُخُوصٍ وهميّة
عَنْ شَعبٍ باتَ يُذيبُ الآه بكأسِ الصبرِ بِحُرِّية
كي يشربَ قهراً مُنسَكِباً بينَ النكباتِ المَقضِيَّة
ليُرَدِّدَ ألفَ شِعارٍ ذابَ بأرضِ المُدُنِ المَنسِيَّة
* * * *
بيدرُ أحلامٍ..., وهويّةْ
وحنينٌ يُرعِدُ في خفقاتِ قلوبٍ تلهجُ بالذكرى
ودموعٌ تَسكُبُ زَبَدَ المَوجِ بصخرِ الأرضِ المَرويَّة
وأنا في مُفْتَرَقِ حنيني
أمزُجُ آمالي بجنوني
أمسِكُ أحلاماً وَرديَّة
وأحاولُ أنْ أعبرَ زمني بينَ البلدانِ العربيَّة
كي أُثبِتَ أنِّي في وطنٍ يرفعُ راياتِ الحرِّية
لكنّ الضوءَ الأحمرَ باتَ جِداراً
والصمتَ قضيَّة
* * * *
بيدرُ أحلامٍ..., وهويّة
ودمٌ..., وجراحٌ..., وصُراخٌ
وخرائطُ أسلاكٍ غُرِسَتْ بينَ الأنفاسِ العربيّة
لكنّ الأحمرَ باتَ لنا
جُرحاً..., ودماً..., ومواويلاً
وبطاقةَ حُزنٍ أبديَّةْ
تملاً باحاتِ مدارسِنا
بِخِطاباتٍ وشِعاراتٍ
تُسكِرُنا صُبحاً وعَشِيَّةْ
* * *
حاولتُ كثيراً أنْ أجلِسَ بينَ الآمالِ الثَوريّة
وأحلّقَ كالنَسرِ العاتي فوقَ الأجواءِ العُلويّة
لأرى وطني عبرَ الآفاقِ بلا أسلاكٍ وحشِيَّة
فأُغازله بقصيدةِ حُبٍّ صِيغَتْ بِدَمٍ وحَمِيَّةْ
عبرَ الأنسامِ العِطرِيَّةْ
حلَّقتُ، وفي الأفقِ بعيداً
لكنِّي أصبحتُ وحيداً
أحسو أحزاني القَسريَّة
وأُرَدِّدُ حَسَراتي شَجْواً يَتَشَظّى صمتاً لِيُغَطِّي كُلَّ الأجواءِ العربيةْ
والشمسُ المُبحِرَةُ بعيداً
تَحكي لي عَنْ ألفِ قَضِيَّة
صارتْ في حُكمِ المَنسيّة
عَنْ قِصَّةِ عِشقٍ تائهةٍ
وعَنِ الآمالِ المَنفِيّة
خارجَ أسلاكٍ وهْمِيّة
* * *
مازلتُ أحاولُ أنْ أمضي
مُمْتَشِقاً شِعري صبحَ مساءْ
لأُخاتِلَ ذاكَ الضوءَ الأحمرَ بالأصداءِ وبالأسماءْ
فلعلّي أخدع حُمرَتَهُ
فيَصير نَضِيراً يَفتَحُ لي حقَّ التجوالِ معَ الأطيارِ بلا إملاءْ
وغَدَوتُ كَمَنْ قَصَدَ النجوى كي يَجمَعَ أشتاتَ الأشلاءْ
في كُلِّ صباحٍ كنتُ أُفَتِّشُ عَنْ شمسٍ
تَملَؤني بِشراً وحَنِيناً
لأتابعَ عُمري مُمْتَشِقاً لفظَ البُلَغاءْ
أستَجدي أنعامَ الأوتارِ
وأرقب في خوفٍ وحياءْ
ما يَجعلني بينَ الشُعراءْ
لأتابعَ عُمري...ـ أكتب شِعري
وأحلّق ما بينَ الأنواءْ
فوجدتُ جراحي مورِقَةً
بالأملِ المُزهِرِ في الأفياءْ
لكِنِّي لمْ أومِنْ يوماً
أنَّ الآمالَ تُحاصِرُها
في وطني آلافُ الأهواءْ
فرفَضْتُ الصمتَ
رفضتُ القهرَ
كَرَفضي أنْ تُذبَحَ قهراً أطيارُ الحُبِّ بأيدينا
وتُحَطَّم كلُّ أمانينا
كي يُفرَضَ لونُ الليلِ الأسود في وجناتِ أقاحينا
فلنَرفض أنْ نركعَ للزيفِ
وللأسلاكِ
وللأنواءْ
ولنكسِر ذاكَ الضوءَ, فنعبرَ كلّ دروبِ العَزمِ
نؤكّد أنّا في وطن الأحياءْ
نًعاقِر عشقَ الحُرِّيةْ
.......؟...
حلب5/6/ 1978
من مجموعة: قصاصات على جدار الزمن