جلو الذات
محمد حسام الدين دويدري
___________
دعني ألملم حسرتي وعتابي
وأبيع للصمت العقيم خطابي
وأصبّ للتاريخ كأس مرارتي
ليخطّ عذري في مدى الأحقاب
ويقول للأجيال كم كان الصدى
عذباً وكم أغرى سهول يبابي
كم كنت أرويها بوهم قصائدي
وأجُبُّ عزمي في ربيع شبابي
متوهماً أحلام لحنٍ كم مضى
في سكره بين الصدى ينأى بي
لأغوص في لُجّ يموج بوهمه
بين افتخار واهم مرتاب
وبين عجز مثقل متقهقر
بين الفساد وبين جهل كابي
أغفو على رمل يردد موجه
أشجى شعارات تزيد غيابي
ضيّعتها في طيش رقص مفاخرٍ
وأرقت في تشجيعها أعصابي
لأغوص في عشقي أردد صبوتي
بين الخطوب وثورة الأنساب
وضجيج صيحات تزيد تمسكي
بحدود تجزئة تزيد مصابي
باتت تزيد الشوك بين صخورنا
ما بين نار تفاخر كذاب
وبين صوت مداهنٍ ومقامر
باع التراب لطيشه المتصابي
وأباح للأغراب شرب دماء من
رام الحياة منارة الإخصاب
كم مدّ للأعداء جسر مودة
متناسياً سطواً وغدر حراب
وهمُ الذين استوطنوا أرضاً غدت
رمز الحنين ومنبر الأعراب
فالكل يزعم في ادّعاء نضاله
إخلاصه في لهجة الإعراب
لكنه ألقى السلاح على الثرى
متشاغلاً في شهوة وركاب
وتجارة باتت تحرك نبضه
بين الشعوب وقسمة الأسلاب
ومصالح رسمت مسار حياته
بين الحصاد وصفوة الأصحاب
* * *
يا قدس عذراً إن جلست مردّداً
حزني كسيراً في صدى محرابي
ورسمت شعري من سواد محابري
حتى شكا لون السواد صحابي
كم كنت أرقب أن تثور قصائدي
في وجه قهر يستبيح ترابي
أعطيتها عمري وسرت مصاحباً
ظلّ البشائر في ربوع رحابي
فغدت على جفن انتظاري غيمة
تسقي تراباً طاهر الأعتاب
إذ كنت أحلم والوعود تطوف بي
قمماً فألجم صحوتي ومصابي
وأصوغ من حب الصهيل قصائداً
تحيي صليل عزائمي وركابي
ومضيت أبحث في لهاث قصائدي
عن وهم صوت يستثير شهابي
يغلي بي الماضي المخبأ في دمي
يغني الضلوع بريشة وكتاب
وأنا الذي ضيعته في كبوة
غالبتها حتى فقدت صوابي
وجثوت في صمتي ألوذ بشقوتي
متلعثماً أخشى مصير حسابي
فأنا المقصّر في صناعة حاضري
وغراس آتٍ واعدٍ ومجاب
إذ صرت للخوف الرخيص فريسة
حين استباح عزائمي وسرى بي
بل كنت أسبح في مياه خديعة
صيغت بمكر مخاتل نهّاب
يعلي على الجدران بعض وعوده
في سوء تقسيم لخير تراب
وأنا على حلمي أجرّ قصائدي
فوق التراب بلحنها المتصابي
لأصوغ ألحاناً تعالت في المدى
تنشي ضلوع العابرين ببابي
متوهماً أني سليل حضارة
ضيّعتها في كبوة وسراب
رباه أيقظني فقلبي لم يزل
يرجو الخلاص بتوبةٍ وثواب
...............
٢٧ / ١١ / ٢٠٢٣