( أنا خالد / ربيع دهام)
- آتِني بالسجين فوراً، صاح الضابط المغتبِطُ.
وبعد دقيقة سُمِع صريرُ بوابّة حديدٍ تُفتح، ثم صوت ارتطامِ أقدامٍ بالأرضِ.
ثم شوهدَت ظلالُ ثلاثةِ أشخاصٍ تخلخلُ جدارَ النور.
ومن الرواق، رأى الضابطُ جنديين يتوسّطُهما صبيُّ صغيرٌ يقتربون.
مذهولاً، سألهما الضابط:
- أهذا هو القاتل؟،
مشيراً إلى صاحب الجسد الصغير.
أومأ الجنديَّان رأسيهما بالإيجاب.
صبَّ الضابطُ نظراته على الصبي.
- أيها الأحمق المخرِّب، مَن أبوك؟، قال.
ومن غمدِ الليل وفوّهته، انطلق صوت الفتى حازماً:
- أبي اسمُهُ غيهَبْ.
صفن الضابط قليلاً.
- وأمُّك؟
صمت الصبي. حنى رأسه بخشوعٍ. حاول حَبَس دمعةٍ تغرغرت في مآقيها.
- أمي... أمي اسمها رُكام.
أجال الضابط بناظريه أرجاء المكان. حاول استنطاق جنوده علّهم يؤكِّدون أو ينفون كلام الصبي.
ولمّا لم يطرق بابي أذنيه جواباً غير الصّمت والسكوت، أعاد تصويب نظراته عليه.
وسأله للمرة الثالثة محاولاً تضخيم صوته قدر المستطاع علّه يخيف به الغلام الصغير.
- للمرّة الأخيرة أسألك. أجِب أو سحقتُ رأسك
برصاصة. من أنتَ؟
تفرّس الصبي في عيني الضابط شاهراً بسمة مستفزّة:
- رصاصاتك أصغر مِن أن تلوي شعرة في رأسي.
تلعثم الضابط بنجوم كتفيه. انتفض وثار، ثم انتصب على قدميه، و...
- من أنت؟!، صرخ بنفاذ صبرٍ.
تقدم الصغير خطوة الى الأمام، ثم جهر بصوت يختزن في رحمه آلاف الأصوات:
- أنا...أنا خالد.