خاطرة: ابتسامة فوق العوائق
على ممرّات الحياة، حيث ترسم الخطوات مسارات المصائر، تتجول فتاةٌ تحتضن الأُفق بعينين لا تعرف المستحيل. كرسيها المتحرك يمسح أرض الدروب، وعلى وجنتيها تُزهر ابتسامةٌ تُعلن عن تحدٍّ لا يقبل الهزيمة، تشق طريقها كل صباح مستعينةً بعزيمةٍ تجتاح الصعاب كالأمواج التي تلامس الشواطئ بحنوٍّ وقوة.
كل يوم هي بهجة الشارع، ونسمة الأمل التي تتخلل أضلاع اليائسين، تُعلمنا، بصمتها المُلهِم، أن الحرّية لا تقتصر على قدمين تمشيان، بل هي حرية الروح التي تحلِّق دون أجنحة.
إنها، بكل جزء منها، تعبير عن الحياة بكل ألوانها وكثافاتها، ابتسامةُ بهاءٍ على شفتيها كزهرة اللوتس التي تنمو بوسط الأوحال، تلك الابتسامة هي إيقاع قلب ينبض بالإيجابية، ونظرة عين ترسم أفقاً بلا سدود.
ليس في قاموسها كلمة "لن أقدر"، بل تُزخر عباراتها بأحلامٍ تتفتَّح مثل شمسٍ في عزّ النهار. لا تُبالي بلمحات الشفقة أو العطف، لأنها تملك كفاية العزّة والكبرياء. كل دورانٍ لعجلات كرسيها يكتب على الأرض عنوانًا جديدًا للتحدي، وكل انعطافٍ هو بداية قصيدة عن إرادةٍ لا تفتُر.
تلك الفتاة لا ترى كرسيها سوى صديقٍ يحملها نحو الآفاق، يبهجها فيبتهل الفضاء سعادة، فلا سُحب اليأس تُظلل النهار. العاصفة في داخلها كان يمكن أن تُمزِّق بحار القوة، لكنها ببسالة تروِّض ريح العواصف وتجعل من المحنة أشرعة للوصول إلى غدٍ مُشرق.
في عينيها تموج قصص الإصرار التي لو تُحكى لأصبح كل سطرٍ فيها مبحرًا في يم التحديات. فهي لا تمشي على الأرض، بل تمشي في قلوبنا بنهجٍ يعلّمنا كيف يكون التحليق فوق الصعاب.
اعتلت منصة الحياة بروحٍ لا تُبدلها كنوز الأرض، فقد اكتشفت أن الإعاقة ليست في الأطراف وإنما في النفوس التي ترفض النور. قدرتها لا تقاس بالخطوات بل بمساحات الحبّ التي تغرسها حيث تسير.
هي القوة والجمال والحقيقة. فلا تقفوا خلفها بنظرات الأسى، بل اقتفوا أثرها بخطوات الإيمان والحياة. فذاك الوجه الباسم، إنما هو فجر بازغ ليومٍ جديد يقول بأعلى صوت: لا شيء مستحيل.
دكتور مفلح شحادة شحادة كاتب وشاعر المانيا