(( بعضُ الحقيقة ))
من البحر الكامل
بقلمي :سليم بابلي
============
عَلَمٌ بآياتِ الأوابِدِ يخفِقُ
عَزَّ النظيرُ و مثلُها لا يُخلَقُ
الليلُ يسكُنُها و يسكُنُ حُضنَها
و الفجرُ مِن كَبِدِ المنارة يُشرِقُ
و الدّربُ تمشي للنجومِ بسحرِها
و السحرُ أطيافَ الحلا يتذوّقُ
عَجِزَ الرُّواةُ لفهمِ ما في سِرِّها
القلبُ قبلَ العينِ فيها يعشَقُ
كلُّ العيونِ أتت لتخطُبَ ودَّها
وسَطَ المنابِرِ دُرَّةً تتألّقُ
و النيلُ جاءَ من الفيافي عاشقاً
حملَ الجَمالَ و مهرَها يترقرقُ
من مِثلُها سُلِبت مدارِكُنا بها
من مِثلُها في الحُبِّ حالاً يصدُقُ
عَلَّ الجميعُ كنهرِها عُشّاقَها
الدّهرُ يمضي و الهوى يتدفقُ
يطغى الجمالُ على جوارحِ وافِدٍ
نحو اليمينِ أو الشمالِ سيفرقُ
أيّانَ ما كان المفازُ لقاءَها
رَبِحَ النزيلُ و في النعيمِ سيغرَقُ
و ترى الفؤادَ إذا تذوَّقَ شهدَها
قبلَ الذهابِ ورودَها يتشوّقُ
و كأنهُ خَتَمَ الرّضابَ بشوقِهِ
في خافقٍ كأسَ الهيامِ يُعَتّقُ
يا عاشقاً سَلَكَ الصبابةَ أرضَها
سِعَةَ الحنينِ مِنَ الشّذى يتنشّقُ
بُشراكَ في طبعِ الكنانَةِ موئلاً
بابُ الرجوعِ لِظِلِّها لا يُغلَقُ
ما دامَ للإقبالِ طيفاً حاضراً
و الشوقُ في رَغَدٍ و قلبُكَ زورقُ
الحرفُ في ميدانها أُنشودةٌ
مَلَأَ المدائِنَ و العجائبَ يُغدِقُ
من سالفِ الأزمانِ جاءَ رِسالةً
تسبي عيونَ الحاذقينَ و تشهقُ
في كلّ زاويةٍ ترى أعجوبةً
و سما لها في كُلِّ رُكنٍ بيرقُ
في كل سابقَةٍ تراها في العُلا
سترى أياديها لِكُلٍّ تسبِقُ
هل أنبتت جيلاً يحاكي قَدْرَها
صَنَعَ المُحالَ و ما أدقُّ و أعمقُ
أم نسلُها للأرضِ معجزةً أتى
جَعَلَ الثرى فوقَ السّحابِ يُحَلِّقُ
تاجَ التمدُّن إن أردتَ حداثةً
و جذورها الدهرُ السحيقُ و أعرقُ
الخيرُ و الإقبالُ في إقبالِها
كلُّ الأمورِ بأمرها تتعلقُ
رُزِقَ السعادةَ و الفخامةَ والهنا
من كانَ جُزءاً من رضاها يُرزقُ
الكونُ مضطربٌ إذا ما أحجمت
و إذا أرادت كلُّ شيءٍ يبرُقُ
تتآلفُ الأطيافُ تحتَ ظِلالِها
بغيابها زُمراً مَضَوا و تَفَرَّقوا
أُمٌّ تَسَمّت للدُّنى بجدارةٍ
ما كانَ زوراً أو جُزافاً يُطلَقُ
عِندَ العجافِ أتت بسيلِ سنابلٍ
مُزَنٌ على أترابِها تَتَصَدَّقُ
بعضُ الحقيقةِ لا يُريكَ حقيقةً
و تقابلُ الكَفّينِ فيها ينطِقُ
سليم عبدالله بابللي