الهارب
ـــــــــ
وَمَضَيْتُ أَبْحَثُ فِي الْمُدُنْ
عَنْ هَــارِبٍ ، وَاهٍ فُتِــنْ
قَـدْ فَـرَّ مِنْ صـَدْرِي إِلَيْـكِ
فَلاَ اسْتَقَـرَّ ، وَلاَ اطْمَــأَنْ
قَدْ فَـرَّ يَبْحَـثُ عَنْ هـَوَاكِ
كَـأَنَّــهُ مِنِّي أَحَــنْ
فَأَتَـاكِ مَحْمُـومًـا يُعَــانِي
مِنْ صَبَـابَتِــهِ الْوَهَـــنْ
وأَرَاكِ لا تَتَـأَثَـرينَ
كَـأَنَّ شَيْئًـا لَـمْ يَكُـــنْ
***
بِالأَمْـسِ غَنَّــانِّي هُنَــا
مِنْ شَـدْوِهِ لَحْنًــا أَغَــنْ
فَطَـرِبْتُ مِنْ أَنْغَــامِــهِ
مَا بَـيْنَ أَنـَّـاتٍ وَفـَـنْ
وَلَمَسْـتُ فِي أَنْفَـاسِــهِ
شَجْـوًا مُثِيـرًا لِلشَّجَـنْ
فَرَقَصْتُ كَالطَّـيْرِ الذَّبِيحِ
بِغَـيْرِ حِــسٍّ فِي الْبَـدَنْ
وَبِآَخِــرِ الـرُّوحِ الَّـذِي
قَدْ صَـارَ مِنْ وَهَنٍ يُجَـنْ
***
قَـدْ كَـانِ يَبْكِي هـَا هُنَــا
مَـا بَـيْنَ أَحْضَـانِي يَئـِـنْ
هَدْهَدْتُــهُ ، وَحَضَنْتـُـهُ
وَجَعَلْتُ مِنْ صَدْرِي سَكَنْ
وَشَمَلْتُــهُ بِعِنَــايَتِي
حَتَّى تَرَاخَى وَاطْمَـأَنْ
قـد نـامَ كَالطِّفْـلِ الْبَريءِ
الْمُسْتَكِـينِ الْمُطْمَــئِنْ
حَتَّى تَوَارَى الليْــلُ عَنِّي
عَـنْ صَبَــاحٍ يَفْـتَـتِنْ
فَذَهَبْتُ أُوقِظُـهُ وَأَسْــأَلُ
عَنْ جَـوَاهُ وَهَـلْ سَكَـنْ ؟
***
فَتَّشْـتُ عَنْـهُ فَلَـمْ أَجِـدْ
فِي مَهْـــدِهِ إِلاَّ الشَّجـَـنْ
فَتَّشْـتُ مَا بَيْنَ الضُّلُـوعِ
وَبَيْنَ أَعْضَــاءِ الْـبَــدَنْ
فَتَّشْـتُ مَا بَيْنَ الْعَــذَارَى
لــمْ أَجِــدْهُ بَيْنَـهُــنْ
وَسَأَلْـتُ نجْمَــاتِ السَّمــاءِ
وَفِي السَّمَــاءِ سَـأَلْتُهـُـنْ
فَبَكَـيْنَ مِنْ لَهَــفِي عَلَيْـهِ
وَلاَ جَــوَابٌ عِنْدَهُــنْ
***
وَمَضَيْتُ أَبْحَثُ فِي الْجِبَالِ
وَفِي الْخَمَائِلِ وَالْفَـنَنْ
وَبحَثْتُ فِي كُـلِّ الْقُـرَى
وَبَحَثْتُ فِي كُلِّ الْمُـدُنْ
حَتَّى تَعِبْتُ وَلَـمْ أَجِـدْ
غَيْرَ الْمَـرَارَةِ وَالْوَهـَـنْ
فَرَجَعْتُ بِالأَحْـزَانِ وَحْـدِي
لاَ خَلِيـــلٌ أَوْ وَطـَنْ
***
وَأَتَيْتُ أَسْـأَلُكِ عَلَيْـهِ
فَمَنْ سِوَاكِ أَتَـاهُ ؟ ، مَنْ ؟
فَلَعَـلَّـهُ مَــلَّ الْجـَـوَى
فَأَتَى إِلَيْـكِ ، وَلَـمْ يَهُـنْ
لاَ تَصْمُـتِي مَحْبُـوبَتِي
إِنِّي أَمَـامَـكِ قَـدْ أُجَــنْ
وَأَكَـادُ يَقْتُـلُنِي الأَسَى
وَبِغَيْرِ ذَنْـبٍ أُقْتَلَـنْ
هَلاَّ أَجَبْـتِ حَبِيبَتِي
أَيْنَ الْفُــؤَادُ الْمُفْتَتَـنْ ؟
***
مَنْ ذَا يَعِيشُ بِغَيْرِ قَلْبٍ
- فِي جُمُــودٍ - كَالْوَثَنْ
مَنْ ذَا الَّذِي يَحْيَا الْحَيَاةَ
بِغَيْرِ نَبْـضٍ فِي الْبَـدَنْ
سَيَمُوتُ حَتْمًا –فِي هَوَانٍ-
تَحْتَ أَقْـدَامِ الزَّمَـنْ
وَتَدُوسُـــــهُ أَقْدَامُــــهُ
وَبِغَيْرِ سِعْــرٍ أَوْ ثَمَـنْ
لاَ تَصْمُـتِي مَحْبُـوبَتِي
وَكَأَنَّ شَيْئًـا لَـمْ يَكُـنْ
***
الشاعر سمير الزيات