أرى الشعراء أكثر الناس عذابا
البحر أغرقهم في وحل الحنين
والسر فتحوا له نوافذا و أبوابا
الشوق يطرق بابهم كل حين
في محرابه لا ينجو منه مصابا
ترى صدورهم في العشق متيمة
تدميها في الليل سهاما و حرابا
في كل واد يهيمون قلبا و روحا
و الأجساد إن بدت كأنها خرابا
كم توقظهم طبول الحب ليلا
في طياتها من الطعنات أكوابا
خمرة العشق لهم فيها مآدب
بالروح يؤدونها ضريبة و أتعابا
أعزاء النفس فرسان في الوغى
لكنهم أذلاء إذا مسهم ضر الهوى
بواخر البحار لهم فيها مراكب
لا يهابون ضبابا فيه ولا سحابا
لله درهم إذا ضاقت بهم الليالي
يلبسون من ألوان الصبابة أثوابا
قليل منهم يعيش في الدهر عتيا
و الكثير إن عشقوا ماتوا شبابا
لهم في درب الخيال ألف محطة
و الواقع لا يحسبون له حسابا
يسايرون الفصول بردها و حرها
و يخفون نارا في الصدر لها لهيبا
فلا تحسبوا رفيق الشعر ذو راحة
يكفيه ما نال من شقوته نصيبا
ادريس العمراني