(أدروش كلماتي)
أدروش كلماتي كما يتسرب النور عبر ثقوب الروح. لا أبحث عن ترتيب مثالي لها، ولا عن أوزان تضبط وقعها. أتركها تتجول بين السطور حافية، بلا قيود ولا ألقاب، كأنها دراويش تائهة تبحث عن معنى أعمق للوجود.
أكتب وكأنني ألقي بقلبي في فضاء الورق، أتركه يرقص على نغم الحزن تارة، وعلى إيقاع الأمل تارة أخرى. أدروش كلماتي حين أعجز عن مواجهة العالم بصمتي، فأحول مشاعري إلى حروف تتمايل بين الحيرة واليقين. كأنني أفتح نافذة صغيرة على نفسي، أُخرج منها ما لا أستطيع البوح به بصوتي.
إنها الكلمات حين تتحرر من سطوة العقل، وتصبح كائنات صغيرة تتبع إيقاعاً داخلياً لا يدركه سواي. أحياناً تكون متمردة، تعاندني وترفض أن تُصاغ كما أريد، وأحياناً تنساب كالماء، تتشكل حسب المساحات التي تلتقيها، فتبدو عفوية ولكنها تحمل في عمقها كل ما لم أستطع أن أعيشه.
في دروشة كلماتي أجد حريتي. أتركها تتراقص على أطراف الجمل، تلامس ما في داخلي من حزن وفرح، من يأس وحنين. أحياناً تكون الكلمة مجرد نقطة تُعلن انتهاء جملة، لكنها بالنسبة لي بداية قصة لم تكتمل. وأحياناً ، تتحول إلى سؤال يجر خلفه ألف إجابة لم أجدها بعد.
أدروش كلماتي لأنني أبحث عن صدقها، عن تلك اللحظة التي تصبح فيها الكلمة مرآة صافية تعكس روحي دون تزوير. أكتب بعفوية تشبه خطوات الدراويش وهم يلتفون حول أنفسهم، يغوصون في دورانهم بحثاً عن الحقيقة، وأغوص معهم في بحر اللغة، لأكتشف نفسي بين أمواج الحروف.
الكلمات بالنسبة لي ليست مجرد وسيلة، بل هي طقوس، صلاة خفية، وزمن خاص أعيش فيه بعيداً عن صخب العالم. وحين أدروش كلماتي، أجد نفسي أبتكر عالَماً جديداً ، عالَمًاً يشبهني، أبلغ من كل الكلام.
بقلمي : عمر أحمد العلوش