الموعد الأخير
كنتُ أزور صديقي المريض في المستشفى بشكل متكرر، وكنت دائمًا أقول له ونحن نضحك:
لا تقلق، ستتعافى قريبًا ونخرج معًا كما اعتدنا.
كان يبتسم بصعوبة،
وكأن شيئًا في قلبه يعلم أن الموعد الأخير قد اقترب.
وفي ليلة باردة، جاءني خبر وفاته.
شعرت أن الأرض ضاقت علي بما رحبت،
لم أصدق أن ذاك الصوت الذي كان يملأ حياتي قد خمد إلى الأبد.
ذهبت إلى جنازته، وكنت من بين من حملوه على أكتافهم إلى مثواه الأخير. دفناه، وجلست عند قبره طويلًا،
أدعو له وأبكي كما لم أبكِ من قبل.
مرت الأيام، وكنت أزوره بين الحين والآخر، أجلس قرب قبره وكأني أسمعه يجيبني بصمت التراب.
وفي يوم من الأيام،
ذهبت لزيارة المقبرة لحضور جنازة أخرى. وبينما كنت أمرّ قرب قبره،
وجدت القبر مفتوحًا لاستقبال وافد جديد. اقتربت بخوف،
ونظرت إلى الداخل،
فإذا لا أثر لصديقي سوى حفنة تراب مبعثر، وبعض بقايا كفن تلاشى مع الزمن.
وقفت مذهولًا، وقلت في نفسي:
أين أنت يا من ملأت حياتي ضحكًا وحديثًا؟ أين أنت يا من كنت أركض إليه حين تشتد بي الهموم؟
أأنت هذه الذرات
سالم حسن غنيم
حكواتي الوجدان الشعبي
من مجموعتي القصصية
ورق اسود