كيف لا يهزني الحنين...!
بنيّ ، كيف لا يهزني الحنين !
وقلبك ثناءُ الحزنِ فؤادَ السنين
و نبضُ كفيّك شلال دم وأنين
كنتَ بالأمسِ تُغني لي جنين
تحدّثُ عن رفاقٍ مضوا في حنين
وراء ظهورهم أمهات بكين ،
رأين جماجم العزّ تؤرخ للعائدين
فكيف أرضى فراقا وأنت الجليل
وكلّ قدسٍ و ليلٍ تمادى جنوده
ينشرون الموتَ عنوةً بقيدٍ لعين ؟
وكيف أُداري دموعا غِزارٍ ،
قلبي يرجفُ بنظرةٍ فنظرةٍ
كأنّ الحياةَ تُوزّعُ قهرا فيه
يا ويل عمري كيف يختفي ابني
ومن يسألُ جدةً تأنُّ جراحَ الشهيد ؟
وهل للزمانِ عمرٌ ؟ وهل ذاب الحديد؟
أكرهُ فيك كلَّ صبرٍ
و أكرهُ فيك كلّ غيابٍ جديد
فأنتَ العزيزُ في كلِّ مَصْرٍ
وأنتَ الوليدُ الفقيد...
وأنا الجدة والأمّ خلفك بالنارِ
انصلى فؤادها قهرا يزيد
أناديك من كلّ دهرٍ مديد
ولا أنساك عمري يا غريد
ميلادُ نهارٍ غاب لنحيا
الحياة بعدك جرح غزير
وأنهار شوقٍ تمادت بالوتين
بنيّ، تعال أضمّك العناق الأخير
وأنظرُ في وجهك سرا وجهرا
يا بلادي ، أنكرتك حين ذهب الوليد
و هجوتك مرّا وحلوا في عينيه ،
وله على نوافذ قلبي ذكرياتٌ
وجبالٌ هدّ رُباها رصاص الدخيل
من ينقذُ الصغار بعده ؟
كلّ الموتِ هنا ، و الخوف العتيد
لا أُريدُ منكم سلاما...
كلّ مناي ميلادُ يطرقُ بابي
يُهديني حربه و نفرحُ في عيد
وإنّي غاضبةٌ حتى ألقى ربي
نلقاه على باب مظلمةٍ
نكلّمه بمَ فعلت الليالي بفلسطين
ونسرقُ بهجة الذكرى
و نرسمُ بحور عشق تليد
بنيّ ، سلاما سلاما
أنت الفقيد وأنت الوليد !
بقلمي : نادية سعادة
جدة ميلاد الراعي مفجوعة بالفقد...