تَجَلِّياتُ نهر
النهرُ يعانقهُ الماءُ
يُغَنّي معَ الشمسِ ترانيمَ البهاء
صندوقٌ أسودُ
يبحثُ عن أسرارهِ صمتاً
مخضوضرُ النبعِ حلو المسيلِ
نبضاتُ موجهِ ومضٌ من الروحِ
تحكي قصصاً
مجسّاتها من شعرٍ وشعورٍ
وفي عينيهِ الصمتُ يطوفُ
آهٍ من سرِّ النهرِ الوامضِ كالغيمةِ
في عالمهِ المسرجِ خلفَ الأبعادِ
مسكونٌ أنتَ بأوجاعِكَ
صوتٌ ينشقُّ بأضلاعِكَ
صوتٌ يتفجَّرُ نبعاً من قاعِكَ
من أيّ مدارٍ صوتُكَ قَدْ أقبل ؟
كي ينسابَ ماؤكَ
سلسالاً من معينٍ
تطعمُ النارَ لكي تخمدَ
وأواركَ ذائبٌ في الاحتراقِ
في هذهِ المجامرَ
والربواتِ الظِماء
ولأجلِ مَنْ تتراقصُ أمواجُكَ طَرَباً ؟
ثَمَّةَ ألحانٌ متصاعدةٌ تستدرجنا
ولَمْ تَزَلْ محتفظاً بأنينِكَ
شاحباً وجليلاً
كسلسلةٍ من ذهبٍ لا يصدأ
تتدحرج أمامي كالبَلّورِ
فيندلِقُ وَلَهي
منذُ الطفولةِ وهوَ يسكنني
وقَدْ طبعَ تعرجاته علىٰ وجهي
خطَّاً في سِمَتي
حاولتُ إيقافَ جداولكَ في دمي
لكنَّ نسائمَكَ عطّلَتْ كلَّ نبضاتي
تتصارخُ أمواجُكَ ولا تستوي
فأنتَ علىٰ وشكِ الرمادِ
ولم تعدْ معبداً للعاشقينَ
لا تسأل المتوسمينَ فيكَ
عنْ سرِّ تعلقهم بالشغفِ الموهومِ
فالمتاهاتُ أوديّةٌ
قاعُها مرفأٌ للطامحينَ
والشفاهِ التي تمضغ الماءَ طين
أنتَ وكلّ الأنهرِ المضيئةِ
في هذهِ الألفةِ الشريدةِ
دنيا غرامٍ وأحرفٍ بريئةٍ
عانقْتَ شجراً كانَ نسغُها مرَّاً
لذا كُنْ مشبوباً معهم
وإنْ خرقوكَ لا تنطفِئ
يكفيكَ شحذاً
لكَ عالمكَ الأبهىٰ
وليَّ في التجَلِّي رؤاي .
كَامِل عبد الحُسين الكَعْبِي
العِراقُ _ بَغْدادُ