نبض من تونس الخضراء الى حلب الشّهباء
-
لولاكِ ما ذقت الهوى لولاكِ --- حار القصيد وتاه في معناكِ
البدر سرٌّ دون حسنك باسمٌ --- وفضا السّماء تزينه عيناكِ
والرّوح منك تطهّرت وتعطّرت --- والقلب ينبض عند سمع خطاكِ
والحبّ يشهد أنّ طيفك ساحرٌ --- ولواء جيش الحبّ في يمناكِ
وبريق ثغرك ساطعٌ ومسلّطٌ --- والخمر ما جادت به شفتاكِ
وقوام جسمك مثل غصْن ناعم --- مِنْ وردة فاحت بحسن بهاكِ
والصّوت منك كمارد متجبّر --- مِنْ سحر بابل جلّ من سوّاكِ
مِنْ أرض تغلب أنت أم قرطاجة --- أمْ يا ترى غيد من الأتراكِ
أمْ أنت مِنْ مصر وحسن جمالها --- لا يعتريه الشّرك بالإشراكِ
هذا الجمال بحسن أفريقيّة --- أنشودة جلّت عن الإدراكِ
فتمايلت وتقاربت وتكلّمت --- بطريقة الزّهّاد والنّسّاكِ
وأنا أراقب كيف تطغى في الهوى --- مستسلمًا أصغي بغير حراكِ
قالت أنا شاميّة وبأرضنا --- سجد الجمال فقلت يا بشراكِ
مِنْ أيّ شام أنت يا حوريّة --- مِنْ رقّة أو حمص ما أحلاكِ
أوْ مِنْ دمشق فإنّها مشهورة --- بالحسن بين الناس في الأفلاكِ
أمْ أنت طرطوسيّة وجمالها --- مثل الورود تحاط بالأشواكِ
أوْ منبجٍ أوْ لاذقيّة شاطئٍ --- أمواجه مرسومة ببهاكِ
قالت أنا الشّهباء أرضي تربها --- دُرٌّ وياقوتٌ على شبّاكِ
أشجارها وورودها كسمائها --- وغصونها مِنْ خالص الآراكِ
جاء الغزاة يشوّهون لحسننا --- بقنابل وقذائف وعراكِ
إيمانهم بالفسق يفضح حالهم --- يرويه ما فعلوه في الأملاكِ
حتّى إذا جاء الحصاد رأيتهم --- قد أوثقوا الإحسان بالأسلاكِ
حصدوا الجراح وأيقنوا أنّ الذي --- حصدوا نبات الظّلم والأفّاكِ
وارادوا تشويه الجمال فأدركوا --- أنّ الجمال يذيب للسّفّاكِ
فرّوا بجمعهم الغفير وأدخلوا --- لزبالة التّاريخ والإضحاكِ
وبقيت شامخة الجمال يحيطني --- ربّ الجمال بلطفه الفتّاكِ
أنـا غـادة حـلـبِـيّـة سـوريّـة --- والله يحـفـظـني مِنَ الإهلاكِ
-
بحر الكامل
من ديواني الثاني : شَغَاف القلب
شعر / محمّد هشام خليفي (التّونسي)